الكويت اليوم هي حديث الناس في الخليج. أزمة بين الحكومة والبرلمان، مخاضات حكومية وبرلمانية عسيرة. نحاول أحياناً أن نفهم القصة، ونفشل دائماً!

وإذا رجعنا إلى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت: شملان بن يوسف العيسى نعثر على رؤية مختلفة، تتفق أو تختلف معها لكنها رؤية حديثة لواقع الكويت ومآلاته. يوضح أن علاقته الوثيقة بالأسرة الحاكمة لا تعني رضاه عن طريقة إدارة الدولة وشؤون الحكم. ينفي العيسى أن يكون الإسلام هو السبب فيما تعانيه الكويت من انتشار للتطرف والفكر المتشدد، ويعتبر المشكلة تكمن في تفسير الإسلام وتطبيقه، ويضع العبء على وزارة الأوقاف التي يعتبر أنها تقع ضمن هيمنة "الإخوان المسلمون" محملاً إياها المسؤولية عن انحسار الوسطية في المجتمع الكويتي.

يحذر الدكتور العيسى من التمييز ضد الأقلية الشيعية في منطقة الخليج، ويذكرنا أن الشيعة يتعرضون للتمييز في الوظائف العامة والجيش والمؤسسات الأمنية، ويرى أن المعركة الحقيقية هي مع إيران وليس مع مواطنينا وأبنائنا الشيعة، فهم مواطنون يجب أن يتساووا مع السنة كما هو القانون.

يقول: "إن موقفي في الدفاع عن حق الشيعة في ممارسة العبادة في مساجد السنة نابع من إيماني بالإنسان، وإن طرد الشيعة من مساجد السنة التي تشرف عليها وزارة الأوقاف وهي معنية بنشر الوسطية يكشف عمق الأزمة".

قلتُ: وبعض مآخذ العيسى على الكويت يمكن أن نأخذه على بقية دول الخليج حيث تتكرر الأخطاء والمثالب على المستويات الفكرية والسياسية والاجتماعية. بدماثته المعهودة ودفء حديثه وصدقه البادي من كلامه نعثر على شخصية فذة تتناول الشأن الكويتي بدقة وصرامة، ويعتبره بعض المناوئين شديد الحدة في طرحه وفي كلامه عن الإسلاميين على وجه التحديد.

من آرائه التي ربما تكون صادمة للبعض، أنه يربط بين تفشي الفساد والرشوة والبغاء في الكويت، وبين انتشار التدين الشكلي وتصنع التقوى، ويتهم صراحةً الصحوة الإسلامية بمظاهر التدين الشكلي والنفاق السلوكي، وأن الدين أصبح وسيلة للغنى والترقي الوظيفي والوصول إلى مجلس الأمة!

قال أبو عبدالله غفر الله له: ويشكو العيسى من تدهور الحالة الفنية في الكويت بسبب الرقابة الحكومية، التي يقول إنها أغلقت منافذ الثقافة البديلة في المسرح والسينما ومكنت الإسلام السياسي من منابر التأثير ومؤسسات التعليم.

الأكيد أن الكويت ستبقى مثار جدل بما تمده للخليج من انبعاث حر في السياسة والفكر والدين، يكفي أنه البلد الذي يحرك مياهنا الراكدة!