يقول الله سبحانه تعالى في كتابه الحكيم: (وَعسَى أن تَكرَهُوا شَيْئًا وَهُو خيرٌ لَكُمْ، وعَسى أن تُحبُّوا شَيْئًا وهُو شَرٌّ لَكُمْ، وَاللهُ يَعلمُ، وأَنتُم لا تَعلَمونَ) (البقرة: 216)، وهذا ما حصل لبعضنا وأنا منهم ممن اعترض على انضمامنا إلى جامعة جدة، ولكن شاء الله أن نرى نحن قبل غيرنا حكمته في ذلك، واليوم نشهد أن جامعتنا وبمجهود الجميع تنطلق وبسرعة إلى مصاف الجامعات الأولى في المملكة، كل ما على الفرد ليعرف المزيد عنها هو أن يدخل إلى الموقع الخاص بالجامعة ليتابع الإنجازات التي تتوالى تباعا مع كل شهر جديد. ولهذا يحزّ في نفسي كثيرا حين أرى أن إنجازا للجامعة ينسب إلى جامعة الملك عبدالعزيز، قد يعتبره البعض أمرا عارضا، ولكنه بالنسبة لنا أمر هام، نعم نفتخر بكل جامعات المملكة، ونتمنى لها التقدم والارتقاء، ولكن أيضا نفتخر بجامعة جدة الوليدة التي ما إن ظهرت حتى بدأت تنافس زميلاتها وبكل قوة.
في الأسبوع الماضي قمت بالمشاركة في مؤتمر التربية الاجتماعية الأول: آفاق تدريسية حديثة، والذي قدمته إدارة تعليم الجوف إلكترونيا، بحيث سمحت بذلك لمعلمات التربية الاجتماعية من جميع أنحاء المملكة للاطلاع والمشاركة، ورغم أن الطلب جاء متأخرا نظرا لاعتذار إحدى الزميلات الأكاديميات لظروف خاصة، لم أرفض وسارعت بالقبول ليس فقط لاهتمامي بنشر المعرفة والمشاركة في كل فرصة تسنح لي لذلك، ولكن أيضا لأننا في جامعة جدة نشارك حبا في العطاء والمشاركة الأكاديمية والاجتماعية كلما أتيحت لنا الفرصة، وعلى أي منبر داخليا كان أم خارجيا، ولكنني فوجئت بأن خبر المؤتمر على موقع وكالة الأنباء السعودية (واس) قد نسب المشاركة لجامعة الملك عبدالعزيز! نشارك نعم ونفتخر بجامعتنا نعم، ولكن حقنا ومجهودنا يجب ألا يضاف إلى غيرنا.
نحن وبكل فخر جامعة جدة، يتحدث غيرنا عن رؤية 2030، أما نحن فبدأنا بالتجهيز والتنفيذ، ليس فقط على مستوى التخطيط الإستراتيجي، بل على مستوى البرامج والتخصصات، لقد تحولت جامعتنا بفكر وسواعد منسوبيها من جميع الشرائح والتخصصات إلى خلية نحل، ولكي أعطيكم مثالا بسيطا على مستوى الدافعية والعمل على الارتقاء، لنا زميلة في شريحة رائدات الأمن سجلت في مواد إدارة على النت، وتواظب على الحضور والدارسة، كلما مررت بها وأنا في طريقي إلى داخل شطر الطالبات، أجد الكتب مفتوحة أمامها، والسماعة في أذنها تصغي للمحاضرات، عين علينا، وعين على الكتاب، لا تقصر في عملها، ولا تقصر في تعلمها، والزميلات المستخدمات يستقبلن الجميع بابتسامة لا تفارق وجهوهن، يعملن على راحة الجميع، تجد أن قلوبهن مفتوحة ووجوهن مشرقة، ويتعاملن مع الجميع بكل رقي، هن أيضا يعلمن بأهمية دورهن في جعل البيئة التعليمية ليست فقط نظيفة، بل أيضا مريحة نفسيا لكل فرد منا طالبات وإداريات وهيئة تعليم، روح الأخوة والتعاون والدافعية تجدها عندنا على أعلى مستوى، والكل يسعى للأفضل؛ علم ومهارة وقدرات، كان من الممكن أن أحدثكم عن الشراكات مع الجامعات الكبرى في أميركا أو البروتوكولات التي وقعت مع منظمات وإدارات داخل المملكة، ولكن ليس هذا قلب جامعتنا، قلب جامعتنا هو الإنسان، هو الفرد من العامل إلى المستخدم إلى رئيس الجامعة، أرواح نقية، ودافعية مشتعلة، وانطلاق لن يتوقف حتى بعد أن نبلغ الصفوف الأولى من جامعات العالم، هذا هو هدفنا، وهذا ما نسعى إليه، وبإذن الله سنصل، وسنستمر، لأن أي توقف هو تراجع، والتراجع ليس في قاموس جامعة جدة، ولا في قاموس الوطن.
نعم كل ما سبق انطلق من مجرد خطأ قد يعتبره البعض بسيطا في نقل الخبر، ولكن في الوقت ذاته يجب أن نعطي كل ذي حق حقه، ومؤتمر التربية الاجتماعية كان خطوة رائعة من إدارة تعليم الجوف، لم أستمتع فقط بتجميع المادة، ولكن أيضا استمتعت بالإصغاء لمشاركات الزميلات من جامعات مملكتنا، بل إننا تلاقينا في نقاط كثيرة بالنسبة للإستراتيجيات الحديثة، والذي إن دل على شيء فإنما يدل على متابعة الهيئة الأكاديمية لدينا لآخر مستجدات التعلم والتعليم، وعلى أن إدارات التعليم، الجوف كمثال حي، تسعى إلى مشاركات من مناطق مختلفة للارتقاء والتقدم في مهارات التعليم، وبالتالي مهارات التعلم للطالبات، وأن هنالك حراكا تربويا، قد يرى البعض وأنا منهم السلبيات ويظهرها لكي نجد الحلول جميعا كمجتمع واع يسعى للأفضل، ولكن يجب ألا نحرم جهودا تربوية تقام حول الوطن، وحين تقام يجب الإشادة بها وتشجيعها، فشكرا إدارة تعليم الجوف على مؤتمر مثمر أتاح الفرصة للكثير للاطلاع والاستفادة في تخصص التربية الاجتماعية، وشكرا جامعة جدة على كل ما تقدمينه من إنجازات، قد يختلط على البعض اسم «جامعة جدة» نظرا لحداثة عهدها، ولكن ليعلم الجميع أن اسمها سوف يسطع مشرقا في سماء الوطن، ونتاج الخرجين والخريجات في سوق العمل سوف يكون بإذن الله تعالى الشاهد والفيصل.