شارلوت غاو*
الواضح أن الصين عاقدة العزم على توسيع وجودها على الصعيد الدولي، وأن يكون لديها صوت في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك حقوق الإنسان، وهو مجال يعتبره المجتمع الدولي نقطة ضعف في الصين.
وفي الفترة من 7 إلى 8 ديسمبر استضافت الصين أول منتدى لحقوق الإنسان في بكين. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن أكثر من 300 ممثل من أكثر من 70 دولة نامية حضروا المنتدى، لكن شينخوا لم تكشف عن القائمة الكاملة للحضور. وبعث الرئيس الصيني شي جين بينج برسالة تهنئة إلى المنتدى، قال فيها:
«لا يمكن تحقيق تنمية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم بدون الجهود المشتركة للبلدان النامية التي تمثل أكثر من 80% من سكان العالم. وفي غضون ذلك، لا بد من تعزيز حقوق الإنسان، ولا يمكن تعزيزها إلا في ضوء ظروف وطنية محددة لاحتياجات الناس. وينبغي للبلدان النامية أن تحافظ على عالمية حقوق الإنسان وخصوصيتها، وأن ترفع باطراد مستوى حماية تلك الحقوق».
وفي خطابه الافتتاحي أمام منتدى حقوق الإنسان، صرح وزير الخارجية الصينى وانج يى بأن الصين أكثر وضوحا، قائلا: تُظهر تجربة الصين أن حقوق الإنسان يمكن حمايتها بأكثر من طريقة. ويمكن للبلدان أن تحدد نماذجها الخاصة لحماية حقوق الإنسان في ضوء ظروفها الوطنية واحتياجات شعوبها. وإن العامل الرئيسي الذي أسهم في إنجازات الصين الملحوظة في مساعيها في مجال حقوق الإنسان هو التزامها الراسخ بمسار تنمية حقوق الإنسان بخصائص صينية.
وعلاوة على ذلك، تعهَّد وانج ليس فقط بأن الصين «ستتبع بمفردها وبشكل ثابت مسار تنمية حقوق الإنسان ذات الخصائص الصينية»، بيد أنها دعت جميع الدول النامية إلى حماية حقوق الإنسان بطرقها الخاصة، حيث إنه لا يوجد قالب واحد يناسب الجميع في حماية حقوق الإنسان.
وفي معرض تقديمه لخبرة الصين، حث وانج الدول النامية على رفع صوتها بشأن النظام العالمي لحوكمة حقوق الإنسان.
وفي نهاية المنتدى، اعتمد جميع المشاركين «إعلان بكين»، الذي يؤكد أنه ينبغي لكل بلد أن يطوِّر حقوق الإنسان على أساس الظروف الوطنية.
وكان التعاون فيما بين بلدان الجنوب، النابع من مؤتمر باندونغ عام 1955، منبرا هاما للبلدان النامية في آسيا وإفريقيا لتبادل الموارد والتكنولوجيا والمعرفة. وتقليديا تعتبر بكين أن مؤتمر باندونج معلما بارزا في التاريخ الدبلوماسي لجمهورية الصين الشعبية، لأن أول رئيس وزراء في جمهورية الصين الشعبية، تشو ان لاي، حقق أول ظهور له على الساحة الدولية بعد الحرب الكورية في ذلك المؤتمر، حيث دعا البلدان النامية إلى الاتحاد.
ويُمكن النظر إلى أحدث «منتدى لحقوق الإنسان بين بلدان الجنوب» باعتباره نهجا جديدا لبكين لتحقيق دور قيادي بين البلدان النامية. وبالإضافة إلى ذلك، عُقد المنتدى قبل بضعة أيام فقط «يوم حقوق الإنسان» في 10 ديسمبر، كما كشف توقيت وموضوع المنتدى عن طموح بكين في تحدي الأعراف الغربية والدعوة إلى نموذج الصين.
*باحثة في الشؤون الآسيوية - مجلة (ذا ديبلومات) - الأميركية