حالفه الحظ بالحصول على وظيفة بمرتب متوسط، وهو بمقاييس وقتنا الراهن يعتبر شخصا خارقا (سوبر مان)، بمعنى أنه لم "يتعلّق" بالأسهم وانهياراتها، ولم يورط نفسه يوماً بمساهمات وهمية. حتى السفر لم يكن من عشاقه، بدلالة أن أقصى بقعة وطئها هي مكة المكرمة للحج. ولم يهو "طلعات البر مع الشلة". حتى الأنظمة كان حريصا على تطبيقها كي لا يحصل على مخالفة تُحدث عجزاً بإحدى خططه "الاستراتيجية"!
وكأي مواطن سعودي، تقدم "راعي الخطط" إلى البنك في اليوم التالي من استلام راتبه، يطلب إقراضه الحد الأعلى الذي يسمح له، مقابل أن يستقطع البنك ثلث راتبه لخمس سنوات مقبلة. كان أخونا ينوي "إكمال نصف دِينه" بدَينه.!
بالكاد غطى القرض تكاليف الزواج وتأثيث شقة الزوجية. أما ما يتبقى من راتبه (ثلثاه) فيتقاسمهما إيجار الشقة والمصروفات اللازمة للبقاء على قيد الحياة من مأكل ومشرب وملبس.!
بعد خمس سنوات أعلن الراتب المُرتَهن حريته، لكن فرحته لم تدم طويلاً. إذ طلب صاحبه قرضاً ثانيا لشراء سيارة جديدة بدلاً عن القديمة التي أصبحت تعرف طريق "الصناعية" من تلقاء نفسها.!
بعد خمس سنوات أخرى من السداد انتهت أقساط قرض السيارة، وتزامن ذلك مع مرور 10 سنوات على زواجه، فقرر أن يحتفل بالمناسبة (على طريقته الخاصة) بأخذ قرض للمرة الثالثة، وهذه المرة لشراء أرض يبني عليها "منزل العمر".!
وبعدما انتهى "أبو القروض" من سداد أقساط قرض الأرض، كان قد وصل دوره في الصندوق العقاري بعد انتظار طويل، لكن قيمة قرض الصندوق لا تكفي لرفع منزله عن سطح الأرض، فعاد لأخذ قرض رابع وهو يدرك أنه لن ينهي سداده إلا وعمره الوظيفي على مشارف العشرين عاما.!
وبعدما ابرأ الرجل ذمته بإنهاء أقساط قرضه الأخير، كان عمره قد ناهز الـ50 عاماً، حيث أحيل إلى التقاعد، ليسلم أبناؤه راية القروض بخططهم الخمسية.!