لقد كانت هذه سنة جيدة لمحاولات الكشف عن خفايا الأمور، فلقد كانت فترة الـ12 شهرا الماضية مليئة بالتسريبات والادعاءات، كما تكشفت أمور أخرى لا تتعلق فقط بسوء السلوك من قبل أفراد وقادة في قطاع الأعمال وسياسيين، بل أيضا بخطط استباقية لمنع الكشف عن سوء السلوك هذا وتسليط الضوء عليه.

لقد كانت هناك أخبار في الشهر الماضي عن قيام أحد قراصنة الإنترنت، ويبلغ من العمر 20 عاما، باختراق نظام أوبر سنة 2016، حيث تمكن من الوصول إلى معلومات تتعلق بحوالي 57 مليون إنسان بما في ذلك 600 ألف من سائقي الشركة في أميركا، وبدلا من الاعتراف بهذا الخطأ الأمني قامت أوبر بهدوء بدفع مبلغ مئة ألف دولار للمجرم من أجل تدمير البيانات على أمل أن الضحايا-ومستثمري الشركة والذين قد يكونون الأهم بالنسبة لأوبر- لن يكتشفوا ما حصل.

إن أي خرق أمني هو محبط، ويثير غضب الزبائن والمستثمرين، ولكن الإنكار المتعمد لمثل هذا الخرق يدمر الثقة، ولو قامت شركه ما بالكشف عن الخرق فإنه على أقل تقدير سيعرف الزبائن أنه ستتم إفادتهم بما يحصل لبياناتهم (ويمكنهم التنبه لأي نشاط احتيالي يتعلق بحساباتهم)، كما سيتمكن المستثمرون من تقييم المخاطر التجارية بشكل دقيق.

لو ظهرت الحقيقة بعد ذلك بفترة طويلة –كما هو الحال في قضية أوبر على وجه الخصوص-فإن قصة تتعلق بمشكلة فنية تصبح بسرعة قصة عن النزاهة التجارية للشركات، حيث تتعزز مخاوف الزبائن المتعلقة بإعطاء معلومات شخصية للشركات-صعب تجنب ذلك في عالمنا المعاصر.

أما في شبكة فوكس نيوز فلقد كانت الشخصيات القيادية –من المعلق بيل اورايلي إلى رئيس الشركة روجر ايليز- يتمتعون بالحماية منذ فترة طويلة من قبل الشركة الأم للشبكة، وهي 21 سنتشري فوكس، وذلك في مواجهة ادعاءات التحرش الجنسي، علما بأن شركة 21 سنتشري فوكس لم تخف تسوية بقيمة 32 مليون دولار أميركي في يناير بين اورايلي وضيف دائم في برنامجه (على الأقل خامس تسوية من هذا النوع فيما يتعلق بسلوك اورايلي) فحسب، بل إن الشركة عرضت على نجمها عقدا جديدا مربحا للغاية بعد ذلك بفترة قصيرة.

لقد تم في نهاية المطاف إجبار اورايلي على ترك الشبكة، ولكن فقط بعد أن تكشفت الحقيقة عن الادعاءات والتسويات لعامة الناس، ولقد قامت الشركة باتباع نفس النهج فيما يتعلق بايليز خلال فترة عمله التي امتدت لعشرين عاما.

إن الأخبار الطيبة هي أنه عندما تتم مساءلة المزيد من الشخصيات ذات النفوذ على سلوكهم المسيء فإن المزيد من الضحايا قد يكتسبون الثقة اللازمة لتقديم شكواهم، وبينما يحصل تحول في ديناميكية السلطة فإن الضحايا يتغلبون على الاعتقاد بأن عليهم أن يعانوا بصمت ويصبحوا واثقين بأن هناك عددا كافيا من الناس سوف يستمعون لهم.

أما في الرياضة فلقد تم إسقاط العديد من مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا بما في ذلك رئيس الفيفا نفسه سيب بلاتر بعد عقود من التلاعب بنتائج المباريات والرشوة وغيرها من ممارسات الفساد كما تم حظر روسيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية الشتوية بسبب استخدامها لنظام معقد من أجل التحايل على نظام فحص المنشطات في دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي سنة 2014.

إن ما تكشف مؤخرا يجب أن يعزز الحكمة القائلة بأن التستر عن الخطأ الأصلي يجعله أسوأ بمقدار عشرة أضعاف. لقد تعلم الرئيس ريتشارد نيكسون والعديد من مساعديه ذلك الدرس من خلال فضيحة وترجيت، وفي سنة 2018 فإن إدارة ترمب – وشركات مثل أوبر و21 سينتشري فوكس- سوف يخاطرون إذا اختاروا تجاهل هذه الحكمة.