في وقت يترقب اللبنانيون عودة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري قبل يوم الأربعاء المقبل، للاحتفال بعيد الاستقلال، تبدو صورة الوضع السياسي والمنحى الجديد الذي يمكن أن يتخذه المسؤولون اللبنانيون يشوبها الغموض، في ظل تباعد المواقف واختلاف التقديرات بين الفرقاء السياسيين، لاسيما في حال أصر الحريري على استقالته ورفض القيام بتصريف أعمال الحكومة وعاد إلى مغادرة لبنان مرة أخرى، مما يعني تعطل السلطة التنفيذية في تنفيذ مهامها. ومن هذه النقطة، يفهم إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون، على وجود الحريري في لبنان، لتسيير أعمال الحكومة، إذ إنه من الصعوبة بمكان تأليف حكومة جديدة يمثل فيها حزب الله ولا تأخذ شرعية عربية، وفي حال لم يمثل هذا الحزب فإن احتمالات لجوئه إلى التصعيد الأمني وهروبه إلى الأمام، أمر وارد عبر فتح حرب مع إسرائيل تخلط الأوراق من جديد.


مرحلة غامضة

يرى مراقبون، أن الوضع داخل لبنان، يمر بمرحلة عنق الزجاجة، حيث إن الحلول المطروحة صعبة، وإمكانية الحوار معدومة، وهو ما تؤشر إليه التصريحات «الجنونية» لوزير الخارجية، جبران باسيل، والتي تدور في الفلك الإيراني، وتكشف عن تباعد الرؤى، وتظهر عدم وجود إجماع بينهم حتى على نقاط وطنية أساسية تحمي لبنان، وتحيده من عواصف الحروب الدائرة في المنطقة ومن المغامرات العسكرية لـ«حزب الله» في الخارج وتهديده أمن العديد من الدول العربية.

واستنادا إلى الشارع اللبناني، فإن استقالة الحريري، جعلت منه رقما صعبا في المعادلة، وأعطته زخما شعبيا، وأكدت الالتفاف حول طروحاته في أجواء تصاعد التطرف والإرهاب في المنطقة، كونه يمثل الإسلام المعتدل وهو ليس في وارد التخلي عن مسؤولياته السياسية، وسيسعى إلى تطبيق «إعلان بعبدا» الذي ينص على حياد لبنان في أزمات المنطقة، عبر السعي إلى التزام الشرعية اللبنانية بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بلبنان لاسيما القرارين 1701 و1559، وهو أمر يتطلب انسحاب ميليشيا حزب الله من ساحات الدول العربية، وتحوله إلى العمل السياسي مثل بقية الأحزاب اللبنانية، قبل أن تدخل الساحة اللبنانية في دوامة الحروب الداخلية والخارجية.


مباحثات رسمية

يأتي ذلك، فيما وصل الحريري، أمس، إلى العاصمة الفرنسية، باريٍس، والتقى الرئيس إيمانويل ماكرون، قادما من المملكة. كما وصلت عقيلة الحريري، السيدة لارا ونجله حسام إلى قصر الأليزيه، فيما لم يشارك نجله عبدالعزيز وابنته لؤلؤة في مراسم الاستقبال.

وأجرى الحريري قبل لقائه ماكرون، أمس، اتصالا بالرئيس اللبناني ميشال عون، وأكد حضوره حفل الاستقلال، إضافة إلى اتصاله برئيس مجلس النواب نبيه بري، وعدد من الشخصيات السياسية.

وأوضح المحلل السياسي، عبدالوهاب بدرخان لـ«الوطن»، أن وضع الأزمة اللبنانية ما بعد وصول الحريري إلى باريس وكيف ستنتهي الأمور بعد الاستقالة وما تركته من تداعيات على العلاقات اللبنانية الخليجية، تبقى غامضة.

وأضاف بدرخان «لا توجد هناك مؤشرات لدى عون، تدل على وجود رغبة في طرح مبادرة وطنية، أو ملامح مشروع لتصحيح مسار التسوية، فمثل هذه المبادرة إن وجدت، يمكن أن ترجح إمكان العمل على إقناع الحريري بالعودة عن الاستقالة.