بعد مرور 4 أعوام من حادثة طبية اُتُخذت فيها إجراءات خاطئة، قررت الهيئة الصحية الشرعية في نجران استدعاء طبيب تم تكليفه أخيرا مديرا عاما للشؤون الصحية بإحدى المناطق، وفريقه الطبي، لحضور جلسة سماع الأقوال التي تعقدها اللجنة في مقرها بالمديرية العامة للشؤون الصحية في نجران، وذلك مساء اليوم، إذ تستمتع الهيئة لأقوال المتهمين من قِبل الوكيل الشرعي لوالد الشاب ذياب زيدان آل جبار المتوفى في مستشفى الملك خالد نتيجة خضوعه لجراحة تكميم معدة في شعبان من عام 1434، إذ يواجه المدعى عليهم الذين أشرفوا على الجراحة آنذاك، تهما بالمسؤولية الشرعية والطبية عن وفاة الضحية، إضافة إلى اتهامات بالتزوير في أوراق رسمية تخص تقرير وفاة المريض وتجاوزات أخرى مهنية وإدارية، تصل إلى تهمة القتل الخطأ بحسب عريضة الدعوى التي قدمها الوكيل الشرعي للمدعي.

وتعدّ المرة الأولى التي تستدعي فيها الهيئة بنجران مسؤولا صحيا غادر المنطقة، ويعمل حاليا مديرا عاما لصحة إحدى المناطق، وذلك للتحقيق في قضية تمس تعامله مع أحد المرضى عندما كان يعمل في نجران.


سماع الأقوال

أوضح مصدر في المديرية العامة للشؤون الصحية بنجران، أن الهيئة الصحية الشرعية المشكّلة من 11 عضوا برئاسة رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بالمنطقة القاضي الدكتور فهد حسن المشيخي، قررت استدعاء كل من المدعي زيدان خضران آل جبار والد ضحية القضية المعروفة لدى الرأي العام باسم «ضحية التكميم»، ووكيله الشرعي علي مهدي آل حطاب، والمدعى عليهم: المدير العام لصحة إحدى المناطق و5 من أعضاء الفريق الطبي الذي أجرى الجراحة بين استشاري وأخصائي وعدد من الفنيين، وذلك بعد إشعارهم مبكرا وأخذ توقيعاتهم لحضور جلسة التحقيق المخصصة لسماع الأقوال التي تعقدها اللجنة عقب صلاة المغرب هذا اليوم.


تحقيق الوزارة

كشف المصدر لـ»الوطن»، أن وزير الصحة المكلف سابقا عادل فقيه قرر بناء على خطابه رقم 397776 وتاريخ 23 / 11/ 1435، سحب القضية المقامة من المدعي ضد مستشفى الملك خالد من الهيئة الصحية الشرعية بمنطقة نجران، وإحالتها إلى الهيئة الصحية الشرعية بوزارة الصحة.

كما شكلت الوزارة لجنة للتحقيق ضمت في عضويتها استشاري جراحة المناظير بمدينة الملك سعود الطبية بالرياض الدكتور ظافر مطر، والطبيب في الإدارة العامة للمتابعة بالوزارة الدكتور إسماعيل الزعزوع، والمفتش الإداري بالوزارة علي العامري. وأضاف المصدر أن اللجنة أكدت في تقريرها -اطلعت الصحيفة على نسخة منه- عقب شخوصها ميدانيا لمستشفى الملك خالد ولقاء والد الضحية المشتكي والتحقيق مع المعنيين «أنه تبين لها تعامل الطاقم الطبي الذي أجرى الجراحة مع الجلطة الرئوية التي ذكرها الفريق، أنها حدثت للمريض على أنها جلطة دموية، مع العلم أنه من الأرجح أن تكون هوائية في مثل هذه الحالات، إذ تم حقن غاز ثاني أكسيد الكربون بكميات كبيرة في البطن خلال تلك الجراحة، كما تبين أنه لا يوجد لدى طبيب التخدير إلمام بكيفية التعامل مع الجلطة الرئوية الهوائية، كما تبين للجنة أن حصول النزف من الشريان الأورطي قد يكون بدأ جزئيا بسبب إدخال التروكر في بداية الجراحة ثم اكتمل فتحه خلال الجراحة، وهذا النزف ربما كان سببا رئيسيا في المضاعفات التي أدت إلى الوفاة». ثم اتخذت اللجنة الوزارية عدة توصيات أهمها إحالة القضية إلى الهيئة الصحية الشرعية وذلك لوجود بعض الملاحظات في الإجراءات الطبية من الطاقم الطبي المعالج للمريض، ومطالبة الشاكي بالحق الخاص والعام.





تداعيات القضية

تعود تفاصيل القضية التي انفردت بنشرها «الوطن» إلى تاريخ 30/ 7/ 1434، عندما أُدخل المريض ذياب آل جبار إلى مستشفى الملك خالد لإجراء جراحة تكميم للمعدة بالمنظار لعلاج السمنة المرضية المفرطة التي كان يعانيها. وأجريت الجراحة في 2/ 8/ 1434.

وأكد محضر رسمي من لجنة مشكلة من وزير الصحة حينها -تمتلك «الوطن» نسخة منه- أنه وبعد مرور 45 دقيقة من بداية الجراحة، أصيب المريض بهبوط حاد في ضغط الدم، وتسارع في دقات القلبن وارتفاع في نسبة الكربون في الدم، ثم توقف قلب المريض، وأُجري له إنعاش قلبي رئوي وصدمات كهربائية حتى عاد القلب للعمل مجددا، وبعدها أجريت عملية استكشاف جراحي للبطن، وتبين وجود إصابة في الجهة الأمامية للشريان الأورطي، وتمت خياطتها بواسطة جراح القلب، وأعطي المريض مزيدا من الدم والبلازما والسوائل، إلا أن ضغط الدم بقي منخفضا.

ونتيجة ذلك أُدخل المريض العناية المركزة وظلت القسطرتان الموجودتان في البطن تجلبان الدم، ووصلت كميته إلى حوالي لترين، لذلك قرر الفريق الطبي المعالج إعادة المريض إلى غرفة العمليات وفتح بطنه مرة أخرى، ووضع فوط ضاغطة بعد انتشار النزيف في جسمه، وبعد أن تم إغلاق بطن المريض ازدادت حالته في التدهور وأصيب بتوقف مفاجيء في القلب، وتوفي صباح يوم 3/ 8 / 1434.


انطفاء شمعة

أكد والد المتوفى زيدان خضران آل جبار، ثقته في رئيس وأعضاء الهيئة الصحية الشرعية بالمنطقة، وأنه سيستمر في متابعة هذه القضية حتى صدور أحكام الفصل فيها، انطلاقا من تشديد ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان على تحقيق العدالة والإنصاف، وردع كل مقصر مهما كانت طبيعة عمله أو منصبه ومكانته الاجتماعية، وأن تتم محاسبة كل مخطئ. وأضاف بحزن: فقدت ابني -يرحمه الله- عندما كان يُعِد لحفل زواجه المرتقب لإدخال الفرحة والسرور على نفسه وعائلته، وكان في ريعان شبابه ويتمتع بكامل الصحة والعافية، إلا أنه يعاني من سمنة مفرطة، وقرر الخضوع للعلاج عبر جراحة التكميم بحثا عن الأمل في الحياة، خصوصا أنه كان مقبلا على الزواج، ولكن شمعته انطفأت نتيجة هذه الأخطاء التي تعرض لها تحت أضواء غرفة العمليات.