لا يوجد شيء معنوي يؤثر على تصرفات الفرد والمجتمعات مثل العار، وكما قيل في المثل «النار ولا العار»، فإذا أرادت أمة النهوض والرقي فما عليها إلا توجيه ثقافة العار بما يسبب النهضة والرقي.

ولذلك، من عبقرية الفيلسوف الفرنسي «فولتير» أحد عظماء التنوير الأوروبي، حينما أراد توعية الشعب الفرنسي حول التعصب الديني وانعدام الحرية الفكرية وسكوتهم عن هذا، ضرب على وتر «العار»، فأرسل رسائله إلى الشعب الفرنسي معنونا لها بـ«اسحقوا العار»، ولعل في هذا درسا ومثالا للتنويريين العرب، وهو أن انتقاد التعصب الديني وانعدام الحرية الفكرية وثقافة حقوق الإنسان، لن تؤثر شيئا، ما لم تزرع ثقافة العار لعدم وجودها في المجتمع، وبمجرد النظر إلى ثقافة العار عند العرب مقارنة بجنوب شرق آسيا التي حققت نموا اقتصاديا سريعا، يتبين علاقة ثقافة العار بالرقي والتخلف.

ففي الوقت الذي يعدّ البعض الفساد المالي والخداع والمحسوبية ذكاءً وشجاعة ووجاهة اجتماعية، مرددين المثل «من وجد حيلة فليحتل»، قام وزير التنمية الوطنية السنغافورية عام 1986 بالانتحار، هربا من العار، بعد فتح تحقيق معه حول قضية فساد!.