لعل أهم ما يميز أنشطة وفعاليات الأندية الأدبية السعودية، تلك الملتقيات السنوية التي تستقطب جهود العديد من الباحثين والمبدعين حول قضايا ثقافية وفكرية ونقدية وإبداعية مهمة.
وحسنا تفعل الأندية حينما تناقش ملتقياتها قضايا عصرية كما ناقش ملتقى العقيق الأول بالمدينة المنورة "عبدالقدوس الأنصاري وإسهاماته العلمية والثقافية"، و"ثقافة الصورة" في الملتقى الثاني، و"المدينة المنورة في أدب الرحلات" في الملتقى الثالث، و"الحركة الأدبية والنقدية في المدينة المنورة في العصر الحديث" في الملتقى الرابع، وسيقف الملتقى الخامس على "معالم وآثار المدينة المنورة"، وكما استضاف نادي جازان الأدبي أربعين شاعراً وشاعرة في ملتقاه الشعري الأول، كما شارك أيضاً أربعون شاعراً وعشرة نقاد في ملتقى جازان الثاني، كما ناقش الملتقى الثالث "الخطاب الشعري المعاصر في المملكة".
وتتعدد هذه النماذج المضيئة في أندية أخرى كنادي الرياض الذي ناقش ملتقاه هذا العام "الشعر السعودي في رؤى النقاد: مقاربات ومراجعات"، ونادي جدة الذي أقر "اللغة والإنسان" محوراً لملتقاه القادم، ونادي تبوك الذي ناقش ملتقاه هذا العام "تحديات الخطاب الثقافي العربي"، ونادي القصيم الأدبي الذي تناول في ملتقاه الخامس العام الماضي شخصية عنترة بن شداد، من خلال "عنترة بن شداد.. التاريخ والتوظيف الأدبي"، ويتناول ملتقاه القادم "امرؤ القيس.. التاريخ والريادة الشعرية"، وكان قد تناول من قبل "جماليات القصيدة الحديثة في المملكة العربية السعودية"، و"القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً في المملكة العربية السعودية".
هو حراك ثقافي مبشر بالطبع، ينبغي أن تثمن جهود كل القائمين عليه وعلى رأسهم وزارة الثقافة والإعلام، التي لا أعتقد أن جهوداً عربية أخرى توازي جهودها.
فقط أتمنى أن أرى بعض محاور هذه الملتقيات في الأعوام المقبلة مخصصة لشعرائنا وأدبائنا ومفكرينا الذين على قيد الحياة أو الذين عاصرناهم من أمثال غازي القصيبي وحسن القرشي وحمزة شحاتة وعبدالرحمن منيف ومحمد سعيد طيب ومحمد الثبيتي والدكتور عبدالله الغذامي، وليس هناك ما يمنع من أن تمتد القائمة لتشمل نماذج عربية كنجيب محفوظ ويوسف إدريس وأبي القاسم الشابي وأمل دنقل ومحمود درويش وإبراهيم الكوني والدكتور عبدالصبور شاهين وغيرهم ممن أثروا الإبداع والفكر العربي، وخلفوا أثراً أدبياً وفكرياً لا يمكن تجاوزه، سواء اختلفنا أو اتفقنا حول بعض الأفكار والطروحات، لأنها في المقام الأول تراث إنساني، وكل ما أنجزته الإنسانية له ما له وعليه ما عليه، والمهم أن نستفيد مما وافقنا، لا أن نترك (الجمل بما حمل) كما يقولون!.