فيما استقبل رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري في مقر إقامته بالرياض أمس وأول من أمس عددا من السفراء والمسؤولبن الأجانب، قال مراقبون إن استقالة الحريري أعادت لبنان إلى دائرة التوتر الإقليمي، بعد نحو عام من الاستقرار السياسي بانتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون، والاستقرار النسبي لحكومة الحريري، مشيرة إلى أن تجاوزات حزب الله وعمله لصالح إيران هي السبب الحقيقي وراء أزمة لبنان الحالية. وأكد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في تصريحات إعلامية أمس، أن الأزمة التي تسببت فيها استقالة الحريري ليست وليدة اليوم، وإنما منذ زمن بعيد، مبينا أن استقالة الحريري كشفت الأزمة، ولم تخلقها كون حزب الله بات أقرب لأن يصبح «صاحب القرار». وكان الحريري قد استقبل خلال اليومين الماضيين، كلا من السفير الفرنسي في السعودية فرنسوا غوييت، ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في المملكة ميشال سيرفون دورسو، والقائم بالأعمال الأميركي في الرياض كريستوفر هينزل والسفير البريطاني سايمون كولينز.

 


تجاوزات عسكرية


بين جعجع أن الاتفاق على حكومة الحريري كان يتضمن الابتعاد عن الأزمات الإقليمية، فيما خالف حزب الله ذلك بالقيام بعرض عسكري في القصير وفتح الحدود لعشرات الآلاف من المسلحين، فضلا عن طرح موضوع تبادل زيارات بين وزراء لبنانيين وسوريين. وتطرق جعجع إلى معركة الجرود، فقال إن الجيش اللبناني خاضها بامتياز وإذ بـ»حزب الله» يتدخل ويتفاوض مع تنظيم داعش، بما يتلاءم مع كل المصالح الإقليمية ما عدا المصلحة اللبنانية. وأشار جعجع إلى أن «السعودية قالت إنها قبلت بالتسوية لترتيب وضع لبنان، وليس لوضع لبنان بيد إيران، مؤكدا أنه لا يمكن القبول بأن يكون لبنان في المحور الإيراني ولا في أي محور آخر»، مشددا  على أن الحريري قام بانتفاضة على الوضع غير السوي في البلد.

 





تدخلات إيران


 أوضح مراقبون أن استقالة الحريري من منصبه وضعت لبنان في بؤرة اهتمام العالم لعدة أسباب، في مقدمتها مفاجأة خطوة الاستقالة، وحيثيات قراره الجريء بحماية لبنان من التدخلات الإيرانية في القرارات الأمنية والاستراتيجية المتعلقة بالبلاد، عبر حليفها العتيد حزب الله، الذي أحكم قبضته على مفاصل الدولة، معتمدا على ميليشياته العسكرية، وصولا إلى تداعيات فراغ السلطة الذي أفرزته عملية الاستقالة. كما أجمع عدد من المحللين اللبنانيين، على وجود رفض شعبي كبير لخطوة استقالة الحريري، وذلك حفاظا على الاستقرار الذي تشهده البلاد مع وجوده في السلطة، وهو ما ظهر من خلال موقف الرئيس ميشال عون، الرافض لاستقالة الحريري والمصر على استلامها منه شخصيا ومكتوبة، قبل الشروع في الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس جديد للحكومة. يأتي ذلك في وقت ترى أوساط سياسية لبنانية أن استقالة الحريري يمكن أن تعكس مدى رفض قطاع عريض من اللبنانيين لتغلغل ميليشيا حزب الله، وذلك بالتزامن مع الغضب العربي والدولي المعادي لسلوك الميليشيات.