أجمع باحثون على أن المملكة تملك مفتاح حل عدد من القضايا التاريخية والأثرية الملحة، لحقبة ما قبل التاريخ، بحكم موقعها الجغرافي في إطار الجزيرة العربية ووسطها الإقليمي، إذ إن الموقع حكم عليها أن تكون المعبر للهجرات البشرية المبكرة من شرق إفريقيا إلى قارات العالم القديم، وهو ما وضع على كاهلها مهمة البحث في أمور عدة.


فرص الاقتصاد المعرفي

أكد عدد من علماء الآثار أمس في أولى جلسات ملتقى الآثار الذي انطلق في الرياض، أن استخدام التقنيات الحديثة متمثلة في نظم المعلومات الجغرافية التاريخية وتطبيقات الهواتف الذكية وتطوير الخرائط التفاعلية، للتعريف بمواقع التاريخ الإسلامي والآثار الإسلامية، يعزز من فرص الاقتصاد المعرفي والاجتماعي والمالي للمملكة، مشيرين إلى ضرورة تحقيق الاستفادة المثلى من هذه التقنيات لدورها الكبير في مساعدة المتخصصين لربط آثار وتاريخ وحضارة المملكة بجغرافيتها والتوعية والتعريف بالموروث الحضاري والتاريخي للمملكة.

وتحدث الدكتور عبدالله القاضي عن أهمية المعالم التاريخية والأثرية التي تضمها طرق الحج والتجارة القديمة ودورها كرافد رئيس من روافد المعرفة والثقافة والسياحة والاقتصاد، لا سيما إذا كانت تتعلق بمدن تاريخية.

 


العمق التاريخي للمملكة

في الجلسة الثانية لملتقى الآثار بالرياض بعنوان «آثار ما قبل التاريخ والرسوم الصخرية» أجمع باحثون على أن المملكة تملك مفتاح حل عدد من القضايا التاريخية والأثرية الملحة، لحقبة ما قبل التاريخ.

واعتبر الدكتور العباس سيد أحمد من جامعة دنقلا بالسودان، إن المملكة تحمل مفتاح الحل لكثير من القضايا الملحة لحقب ما قبل التاريخ، بحكم موقعها الجغرافي في إطار الجزيرة العربية ووسطها الإقليمي، إذ إن الموقع حكم عليها أن تكون المعبر للهجرات البشرية المبكرة من شرق إفريقيا إلى قارات العالم القديم، وهو ما وضع على كاهلها مهمة البحث في أمور عدة.

وكشف المشاركون عن العمق التاريخي للمملكة والامتداد الحضاري لها في حضارات العالم القديم، مستشهدين بمجموعة من النقوش والرسوم الصخرية القديمة التي تعكس تطور الحضارة الإنسانية من خلال ما تقدمه من صور أدوات وحيوانات وممارسات الحياة الإنسانية. وأثنى الدكتور أحمد الزيلعي أستاذ الآثار بجامعة الملك سعود ورئيس الجلسة، على جهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، في دعم العمل الأثري بالمملكة والحفاظ على الإرث التاريخي والحضاري للمملكة منذ عصور ما قبل التاريخ، معتبرا الملتقى فرصة لتقاطع الأفكار مع الباحثين الأثريين والتاريخيين من مختلف دول العالم.





تقنية نظم المعلومات الجغرافية

 أكد الدكتور رمزي الزهراني على أهمية نظم المعلومات الجغرافية التاريخية ودورها التقني في التوثيق التاريخي الدقيق للتراث الحضاري للمملكة، واستشهد بالعديد من النماذج العالمية الناجحة في مجال نظم المعلومات الجغرافية التاريخية مثل الصين، بريطانيا، الولايات المتحدة الأميركية، روسيا، كندا، ألمانيا، هولندا، بلجيكا، بالإضافة إلى تأسيس بعض المشاريع الرائدة الأخرى ذات العلاقة، ومنها مشروع الحضارة الصينية عبر الزمان والمكان ومبادرة الأطلس الحضاري الإلكتروني وغيرها.


مراحل حضارية قديمة

 قالت الدكتورة روبن إنجيلز، أستاذ الآثار بجامعة يورك البريطانية، إن المملكة رغم أن لديها مساحة شاسعة تقارب قارة، وتعد ملتقى لطرق التجارة القديمة؛ إلا أن الرسوم الصخرية فيها لم يدرس منها إلا القليل، مشيرة إلى أن منطقة جنوب غرب السعودية تضم كماً كبيرا من النقوش والرسوم الصخرية التي تمثل مفتاحاً لكيفية فهم عبور الإنسان القديم إلى القارة الإفريقية.


تماثل النقوش والرسوم

تحدث الدكتور ذو الفقار عليكالهورو، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة إسلام أباد، عن الامتداد التاريخي لحضارات المملكة إلى مناطق شرق آسيا وتحديداً بلاد السند والهند، مستشهداً بتماثيل صور الجمال الموجودة على الرسوم الصخرية في المملكة ونظيرتها في باكستان، موضحاً أن الجمل العربي ذو السنام الواحد والسنامين تم رصده في الرسوم الصخرية بجبال باكستان. وأضاف أن الجمل كان يرمز إلى القبيلة في الجزيرة العربية، حيث كانت كل قبيلة ترسم الرمز الخاص بها على جمالها، وهو ما تم رصده أيضاً في الرسوم الصخرية المتواجدة بجبال باكستان، موضحاً أنه تم رصد الموروث الشعبي في الجزيرة العربية من خلال الرسوم الصخرية مثل القصص الرومانسية (مجنون ليلى)، وهو ما شهد تماثلا له في النقوش والرسوم الموجودة في باكستان.