خلق مكتب العمل بسياسته المتعسفة سوقاً سوداء سلعتها الخدم – إناثاً كن أم ذكوراً - والذين غادروا بيوت كفلائهم وتوجهوا لعروضٍ أكثر إغراء لمواطنين أوصَدت أنظمة ذلك المكتب بأوجههم السبل والأبواب، الأمر الذي حرّض على هروب الخدم من ذويهم وتوجههم إلى العمل بصورة غير شرعية لدى الغير مع فتح المزاد لمضاعفة الرواتب، أو ضمهم إلى أوكار تعج بالفساد والرذيلة. تلك التعقيدات تسببت في نشأة "مافيا" داخل بلادنا برعت في إدارة بيوتنا وشوارعنا وإجبارنا على التعامل معها والخضوع لتماديها في التحكّم بنا وباقتصادنا عبر تسريب السيولة خارج الاقتصاد السعودي المحلي وما خفي كان أعظم.

لمن لا يعلم.. منظمات ابتزازية، وشبكات انتهازية لا حصر لها من أولئك المرتزقة، يعيثون فساداً في بلادنا التي تضرر أمنها وشبابها على حد سواء. والأدهى من كل ذلك أننا نسمع ونرى دون أن نحرك ساكنا. فهاهم الذين تعددت سبل استرزاقهم بالنصب والنهب باتوا خبراء في السطو على المنازل والأماكن التجارية وترويج المخدرات والخمور والأفلام الإباحية، بل واختطاف النساء والأطفال، ناهيك عن (منظمة بلا إقامة لخدمة المنازل) والتي حصلت على المركز الأول في استنزاف من تعثر مرور خادمته بسبب سياسة التعطيل في الاستقدام.

الجرأة التي يتحلى بها أولئك الخارجون عن القانون وهم يعقدون صفقاتهم ويروّجون لبضائعهم علانية لم تأتِ من جينات خاصة يتوارثونها بسلالتهم، إنما الشروط التعجيزية في الإجراءات من جهة، وتجاوب المواطنين معهم وعدم صدّهم من جهة أخرى، كل ذلك أكسبهم الدعم والطغيان بلا خوف أو تردد، كيف لا أيها السادة الكرام وهم يرون ذلك التضييق الذي تمارسه الجهات المختصة على المواطنين في استخراج التأشيرات ونقل الكفالات وتنظيف الملفات وتأجيل المعاملات! ولم لا تكون الحاجة لهم بعد كل هذا أكبر ويكونون في آخر المطاف أصحاب سلطة على حاجات المجتمع ويداً عليا فوق الجميع.

ألم يتبادر إلى أذهاننا السؤال عن سبب تواجد عشرات العمالة المصطفّين على رصيف شارعٍ في الرياض ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ وهم يبيعون كروت قنواتٍ فضائية ماجنة للمراهقين! بل كيف لجرائم تعدت حدود الدين والأمن أن تنتشر في بلاد الحرمين! أتمنى أن أعرف أخيراً كيف لخادمتي أن تهرب وتوفّق بإيجاد الكثير من الوظائف غير الشرعية في كل مكان وبأجور تنافس أجور الوظائف الحكومية!

يقيني، لو أن مكتب العمل أخذ بالاعتبار خدمة المواطن ومصلحته حينما اُرتجلت الأنظمة ورُفعت الأقلام وجفت الصحف لما هربت "روزاليندا" وطلب "كومار" ألفين وثمانمئة ريال (بدون أكل).