يحتفل العالم سنويا باليوم العالمي للتوعية بداء السكرى، والذي يوافق الرابع عشر من نوفمبر، وفي سبيل هذا الاحتفال تجتهد المنظمات العالمية ووزارات الصحة والمؤسسات الإعلامية في دول العالم، في حشد البرامج التوعوية التي غايتها التنبيه إلى خطر الإصابة بداء السكري، والإرشاد إلى سبل علاجه والوقاية منه، والكشف عن نسب المصابين به عالميا.
وفي كل عام تكشف النسب المحصلة زيادةً ملحوظة في عدد المصابين بالمرض، ففي المملكة العربية السعودية وحدها يصاب كل عام بالسكرى قرابة 150 ألف شخص، مما جعل المملكة تحتل المركز الثاني على مستوى الشرق الأوسط، والسابع عالميا في نسب الإصابة بالسكري. هذا ما يخص المصابين بالمرض، أما من هم على استعداد للإصابة، أو من هم في «مرحلة ما قبل السكري»، فعددهم -حسب الإحصاءات- 3 ملايين شخص، كما أن من المتوقع أن يبلغ عدد المصابين بحلول عام 2030، 2350000 شخص.
تلك النسب المرتفعة والمتزايدة سنويا، تؤكد عدم نجاح الأساليب المتبعة حاليا من وزارة الصحة ووسائل الإعلام في التوعية بداء السكرى، وهذا يعني ضرورة البحث عن حلول واقعية بعيدة عن التنظير المستخدم حاليا في حملات التوعية التي يعتمد معظمها على منشورات ومطويات ومواد إعلامية، باهظة الكلفة، عديمة الجدوى.
إن الجهود التي تقوم بها وزارة الصحة كبيرة ومهمة، لكنها بهذا الوصف مكلفة ماليا ومرهقة إعلاميا لميزانية الوزارة، ولذا فهي بحاجة دائمة إلى المراجعة والتعديل لتتناسب مع احتياجات المجتمع الفعلية، فما كان صالحا للتوعية بالأمس لم يعد صالحا اليوم، شاهدُ ذلك تزايدُ حالات الإصابة وسرعة انتشار الداء.
ولعل مما يمكن القيام به في هذا الصدد لمساعدة مرضى السكرى على تجاوز مشكلاتهم، وللإسهام في زيادة وعي المجتمع بالقضية، أن تحرص وزارة الصحة على افتتاح صالات رياضية وعيادة تغذية ملحقة بمراكز الرعاية الصحية بالأحياء، يشرف عليها اختصاصيون في اللياقة البدنية والتغذية، لتحصل الفائدة للمراجعين الذين تستدعي حالتهم ذلك. ويمكن أن يخضع المراجعون لبرامج رياضية إلزامية في الفترات المسائية بتلك المراكز.
وفي المدارس والجامعات، يمكن أيضا افتتاح عيادات للسكرى والتغذية، يشرف فيها الاختصاصيون على الحالات المصابة فعليا، بدلا من تكليف المرشدين الطلابيين غير المختصين بهذا الأمر. ويمكن أيضا التنسيق بين وزارة التعليم ومراكز بيع المأكولات الصحية للإشراف على نوعية الطعام الذي يباع في المقاصف المدرسية والكافتيريات، أو التعاقد معها على تمويل تلك المقاصف بأسعار معقولة.
أخيرا، فإنه يمكن لوزارة الصحة الإفادة من تجارب دول العالم من حولنا في نقل الرعاية الصحية إلى الحدائق العامة والمتنزهات، خلال التعاقد مع مدربين رياضيين في عدد من تلك الحدائق، للعمل بجدول يومي ثابت، يتضمن ساعتين «صباحية ومسائية» بحيث يستفيد مرتادو تلك الحدائق من خدمات اللياقة المجانية.