استبشر أبناء الوطن كافة بالمشروع التنموي «نيوم» الذي أطلقه ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الأمير محمد بن سلمان، أول من أمس، على مساحة 26500 كلم2 شمال غرب المملكة، ويعد أحد المشروعات الوطنية الضخمة التي تطل على البحر الأحمر.
ويرتبط المشروع بإستراتيجية رؤية المملكة 2030، وله أهداف عميقة ترتقي بمكانة الوطن والمواطن، وهو يتقاطع مع مقولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حينما أطلق الرؤية، إذ قال «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك».
01 إطلاق المشروع
بشفافية مطلقة، استعرض ولي العهد في رسائله الصورة المشرقة للمملكة، وسط التطورات التقنيّة التي يعيشها العالم، والإمكانات المتوافرة، والفرص الاستثمارية التي تنتظرها خلال تعاون أبناء الوطن وتكاتفهم مع القيادة، بوصفهم الوقود الذي يدعم تطور المملكة، ويضعها على خارطة الدول المتقدمة.
واستنهضت كلماته الحماسيّة همم الشباب والفتيات، ولم يزل صداها يشنف آذانهم ويتردد بينهم، حتى جعلت أفئدتهم تلتهب بمحبة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، نظير ما يبذلانه لرفعة الوطن ومواطنيه.
ولم يكن تجمع مباردة مستقبل الاستثمار المقامة في الرياض مناسبة عابرة، بل نتاجا لجهود حثيثة قام بها ولي العهد، أثمرت عن اجتماع نخبة من الاقتصاديين الذين يتجاوز مجموع قيمة الأصول التي يديرونها في العالم «22 تريليون دولار» من أصل ما يقارب 90 تريليون دولار من حجم الأصول العالمية، وذلك لمناقشة الاتجاهات والفرص والتحديات والقطاعات الناشئة، والتي ستسهم في رسم ملامح مستقبل الاستثمار في العالم خلال العقود المقبلة، في إطار مواكبة تطلعات القيادة الرشيدة، وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
02 استهداف مستقبل الحضارة
أعلن ولي العهد اشتراك 9 قطاعات استثمارية متخصصة في المشروع، بغية استهداف مستقبل الحضارة الإنسانية، وهي: الطاقة والمياه، والنقل، والتقنيات الحيوية، والغذاء، والعلوم التقنية والرقمية، والتصنيع المتطور، والإعلام والإنتاج الإعلامي، والترفيه، إضافة إلى مستقبل المعيشة، وقوة هذه الخطوة تكمن في إن لكل قطاع من هذه القطاعات دوره المهمّ في دعم الاقتصاد الكلي للمملكة، كما أكد الاقتصاديون.
وقال الكاتب الاقتصادي والمحلل المالي الدكتور فضل سعد البوعينين «هذا التجمع الاقتصادي الكبير قلّ مثيله في العالم، إذ يجتمع في قمة مبادرة مستقبل الاستثمار نخبة المستثمرين المعروفين في العالم، والذين تقدر استثماراتهم بمئات مليارات الدولارات الأميركية، ووجودهم في أعمال المبادرة -بحد ذاته- مهم للمملكة لمناقشة الأمور الاستثمارية الواعدة، في ظل وجود رؤية طموحة وهي رؤية المملكة 2030».
وأفاد بأن حجم الاستثمار الكبير الذي أعلنه ولي العهد في مشروع «نيوم» لفت اهتمام كبار المستثمرين في جلسات أعمال مبادرة مستقبل الاستثمار، خلال المداخلات التي أثرت هذه الجلسات، والحوارات الجانبية التي كانوا يتبادلونها مع الاقتصاديين السعوديين على هامش أعمال المبادرة، مؤكدا أن فكرة استقطابهم إلى المملكة من الخطوات المميزة التي تحسب لولي العهد.
03 نموذج فريد
لفت البوعينين النظر إلى أن مشروع «نيوم» يعد فريدا من نوعه، لما يسمى عالميا «المدن الذكية»، كما يعد مكسبا اقتصاديا كبيرا للمملكة، كازدياد حجم الموارد التي ستجنيها المملكة نتيجة تقديمها الخدمات اللوجستية لـ10% من حجم التجارة العابرة لحدود المياه الإقليمية السعودية على البحر الأحمر.
وبين أنّ المملكة ستجني مكاسب أخرى من مشروع «نيوم»، تتمثل في تشغيل الاستثمارات الأجنبية لشركات الحديد والأسمنت في المملكة، ومؤسسات البناء، إضافة إلى إيجاد عدد من الفرص الوظيفية المتنوعة لشباب وفتيات الوطن، وتنمية منطقة شمال غرب المملكة إنشائيا، وترفيهيا، وسياحيا، وثقافيا، وغيرها.
04 تطور كبير
يعبّر «نيوم» عن التطور الكبير الذي تشهده المملكة -حسب الأمير الدكتور ممدوح بن سعود بن ثنيان- خبير الطاقة المستدامة في جامعة الملك سعود، ووكيل جامعة شقراء المكلف -حاليا- إذ يقول «المملكة تشهد تطورا سريعا في المجالات الاقتصادية والتنموية وفق رؤية طموحة قادها ولي العهد، وهو أحد دلائل هذه الرؤية».
وأضاف «المشروع مبادرة وطنية تحتضن حزمة من التقنيات الحديثة في مجالات عدة مثل: الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وذلك لإيجاد مدينة عصرية متطورة وصديقة للبيئة، ويعد خيار الطاقة المتجددة الحل الأمثل، في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة، واعتماد المملكة حاليا على مصادر الوقود الأحفوري لتوفير احتياجاتها من الطاقة».
وأضاف «المشروع يقدم مجموعة من التقنيات المناسبة لجغرافية المكان، حيث متوسط الساقط من الإشعاع الشمسي 2500 كيلو واط للمتر المربع، وهو خيار إستراتيجي مناسب لاستغلال تقنيات الخلايا الشمسية، في ظل انخفاض شدة درجات الحرارة في منطقة المشروع، الأمر الذي يزيد من كفاءة الخلايا الشمسية وإنتاجها».
وبالنسبة لطاقة الرياح، أفاد بأن «منطقة مشروع «نيوم» تتمتع بتيارات من الرياح بسرعات تعد من الأعلى على مستوى المملكة، موضحا أن تبني هذه المدينة العصرية لمنظومة متكاملة من طاقة الرياح يعبر عن بُعد نظر ولي العهد في استثمار ثروات الوطن الطبيعية لخير الوطن».
05 تميز
أضاف الأمير ممدوح «تتميز منطقة المشروع بوجود جبل «اللوز» الذي يبلغ ارتفاعه 2549 مترا، ويبعد عن تبوك 200 كلم، وهو من أكثر جبال المنطقة برودة، ويشهد سقوط الثلوج شتاء، كما تتميز بوجود جبال: زهد «1980» مترا، والشياطي «2103» أمتار، وحرب «1786» مترا، والدبغ «2315» مترا، وشار «1784» مترا، حسبما ورد في تقرير لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية».
بدوره، قال الأستاذ المشارك في قسم الجغرافيا بجامعة القصيم الدكتور عبدالله المسند «منطقة المشروع تسودها الرياح الشمالية الغربية في معظم شهور السنة، وتمتلك تنوعا جيومورفولوجيا عجيبا».
ولمقر المشروع جانب مهم في استثمار تقنيات الخزن الجوفي، إذ أوضح المشرف على معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالملك عبدالرحمن آل الشيخ، أن المناخ المعتدل لمكان المشروع بسبب تعرضه لمنخفضات البحر الأبيض المتوسط، وما ينتج عنها من سقوط كميات من الأمطار والثلوج، يمكن أن يطوّر الاستثمار في مجالات: المياه والغذاء، والتصنيع المتطور، والترفيه.
وأفاد آل الشيخ، بأنه يمكن استثمار تقنيات الخزن الجوفي في السدود القائمة ضمن منطقة المشروع، خلال إنشاء بعض السدود الصغيرة لحجز المياه في مجاري الأودية، ثم خزنها في باطن الأرض بواسطة أنابيب التغذية، أو إنشاء غدران صناعية متعددة كبيرة الحجم بالقرب من مجاري الأودية، لتوفير أكبر كمية من مياه السيول، للاستفادة من مياه الأمطار، وتخفيف العبء على المياه الجوفية الأزلية العميقة، وازدهار المشاريع الزراعية والصناعية في المنطقة.
06 دور التعليم
للتعليم دور فاعل في تطوير رأس المال البشري الذي تهتم به المملكة منذ نشأتها قبل 87 عاما، وأبرزته رؤية 2030 في أهدافها.
ويدخل التعليم في عملية إدارة القطاعات التسعة في منظومة المشروع، إذ سيضيف أكثر من 189 ألف مبتعث ومبتعثة والدارسين على حسابهم الخاص مع مرافقيهم في 30 دولة بالعالم الشيء الكبير للمشروع، إذ يتلقى معظمهم التعليم في أفضل 200 جامعة موصى بها عالميا في تخصصات مختلفة.
ويسهم وجود الشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة، أو ما يسمى «الهواء الرقمي» في المشروع، وتقديم التعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، في تعزيز توجه المملكة إلى التعليم الإلكتروني، والتعليم المدمج في مختلف جامعاتها، منها الجامعة المتخصصة في ذلك المجال، وهي: الجامعة السعودية الإلكترونية التي تقدم تعليمها وفق أرقى المناهج الأكاديمية، بالتعاون مع جامعات عالمية لتلبي حاجة وسوق العمل في المملكة، بالتخصصات التي تخدم خططها التنموية، منها رؤية المملكة 2030.
مزايا
01 مستثمرون يديرون أصولا بـ22 تريليون دولار من أصل 90، يحضرون إطلاق نيوم
02 المشروع يتيح للمملكة تقديم خدمات لوجستية لـ10% من حجم التجارة العالمية
03 متوسط الساقط من الإشعاع الشمسي بمنطقة المشروع 2500 كيلو واط للمتر المربع
04 المشروع يتيح إمكان الخزن الجوفي