أحداث متسارعة كثيرة، وبشائر متلاحقة عظيمة يصعب علينا مواكبتها بكتاباتنا من سرعة تتابعها، فقد سبق الملك، وولي عهده الأمين بقراراتهما الحروف، فلم يستطع اللحاق بهما حتى أمهر الكتاب.
قرارات لم يسبق لها أن تقر، وأوامر لم يسبق لها أن تفرض، وأمور لم يتخيل أعظم المتفائلين أنها ستكون. فتخيل لو أننا قدمنا للمثقفين، والمفكرين من المواطنين أوراقا، وكومة من الأقلام، وطلبنا منهم التعبير عن التغيير الذي يريد كل واحد منهم رؤيته في وطننا ومجتمعنا، سيفشلون في الغالب بالتعبير عما نراه الآن واقعا وفق الظروف، والمعطيات المتاحة، والتاريخ الذي نعرفه جيدا، فبفضل العزيمة، والحزم الذي سبق السطور، وتقدم على الكلمات، والمتون، بدأنا بوضع بصمة التغيير التي لا بد أن تكون، وبأمر غير متوقع، ولا معقول، فقد مضى زمن الفساد، وطويت صفحة هدر خزينة الدولة لتملأ بها خزينة المفسدين.
بماذا عسانا أن نفرح؟ بما تم من إجراء على المفسدين الذين لم يراعوا شعبا، ولا وطنا، ولا دينا، أم بالإصلاحات التي تمت في عهد قصير، وفي وقت سريع، وبطريقة جعلت ممن كانوا يشككون في السابق يؤمنون.
في اعتقادي أن الوطن، والمواطنين، والكتاب، والمثقفين، والعلماء، والقادة، وحتى السياسيين، يريدون أن يخوضوا غمار التجربة غير المسبوقة لوطننا الكريم، ويتطلعون لخوض التحدي الذي فشلت كثير من الدول فيه، وهو تحرير الاقتصاد، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، فقد كانت هذه الفكرة في عهد قريب غير ممكنة، ذلك أن بعض الأفراد المقربين كانوا يظنون أن تحرير الاقتصاد يلزم منه تحرير العقول، وتحرير العقول قد يؤدي للانفتاح، والتغريب المرفوض.! دعك منهم الآن وأكمل قراءة المقال.
نحن الآن أقوى من قبل بكثير، فبالله عليكم أين المفسدون؟ نحن الآن نسير مع ركب المتقدمين لا مع ركب من كانوا يصيحون للعودة للزمن القديم، فهم قابعون بالأوهام. نحن الآن بكل اختصار نكتب صفحات التاريخ بأقلامنا، لا بأقلام كانت تكتب عنا سنين.
وبعد هذا أقول: الإصلاحات والتغييرات المتلاحقة الداخلية أمر يجب أن يكون، وسيكون لها تأثير إيجابي في القادم من الإصلاحات الخارجية الدولية، فكوننا داخليا أقوياء يجعلنا خارجيا أقوياء بالتبعية.
إن الأمور التي تحدث في المنطقة، وبنفس الوتيرة التي تحدث في داخل الوطن تتطلب منا إعادة ترتيب، وحسن تدبير، ونظرة فيها بعد نظر، وتقدير، فأي خطأ فيها أو إخلال سينتج عنه ما هو غير محمود، وفي حصيلته غير مرغوب.
لست ذاك السياسي المحنك، ولا أحب السياسة ولا تحبني، ولكني قرأت مرة سطرا في علم السياسة يقول: «أسوأ شيء في السياسة هو الشروع في عمل وتركه ناقصا»، أظن أن هذا الكلام تم فهمه جيدا، وتم الشروع في إتمام النواقص الآن دون تأخير، فحكومتنا لن تترك عملا ناقصا، ليملأه غيرنا فيفسد علينا العمل كله.