للوطن حرمة والاعتداء عليه جريمة كبرى، فالمخلوقات بميلادها يولد معها حب أوطانها، إلا من خلق وفي جبلته عيب ونقص.
إن حب الوطن فطري يكبر مع الإنسان كلما كبر، ففيه ذكريات الطفولة وبراءتها، ومن أجل الوطن يجاهد الإنسان ليبني حاضره ويخطط لمستقبله وأحلامه، الوطن سكينة واستقرار، وفيه عيشه وأمان لدينه ولحياته، فيتغذى الإنسان من خيراته، وفيه يبني بيته ويكون أسرته، فيدافع عنه ويفديه بماله وروحه.
إن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة وخير دليل، فحين هم قومه بإخراجه من مكة خاطبها قائلا كما جاء في رواية عبدالله بن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: (ما أطيبكِ من بلد وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ). رواه الترمذي
هذه مقدمة لرسالة إلى من سقطت أقنعتهم، واتخذوا موقف السكوت، والتزموا الصمت تضامنا مع أعداء الوطن، وأخذوا يروجون الإشاعات بأن ما يحدث من تحالف ضد الوطن فتنة يجب الابتعاد عنها وعدم الخوض فيها، أو التعبير عن مشاعرهم تضامنا مع حكومتهم التي أخذت بحزم وعزم قرارها في الدفاع عن الوطن بكل مكتسباته ضد المتآمرين من دول مثلث الشر.
لقد كان هؤلاء الذين سقطت أقنعتهم دعاة للتحريض في الوطن العربي وكانوا يتناقزون على القنوات وكأنهم أصحاب دعاية وإعلان لهذه الدول يمجدونها ويصورون الفساد فيها بالسنة والصحوة الدينية، وحين حصحص الحق وأشرقت شمس الحقيقة كنا نظنهم أول من يدافع عن وطنهم ويتكلم بالحق، ويحفظون لمليكهم ووطنهم رد الجميل.
هل نسي أصحاب الأقنعة الساقطة أن الوطن يحتضن رفات الآباء والأجداد والأحباب ألا يستحق هذا الوطن كل التضحيات في الحرب والسلم؟
هؤلاء منهم من وقع في التآمر، وثبتت عليه تهمة الخيانة، ودخل خلف القضبان، ومنهم من حام حول الحمى، وشك الناس في أمره، وهم ينتظرون بخوف أن يفضحهم من سبقوهم أو يفضحهم العدو الذي قد يغدر بهم إن وقفوا مع حكومتهم ودافعوا عن وطنهم الأصلي.
يعتبر هذا الصمت دعما لدول الشر ضد الوطن، وامتناعا عن مناصرة حكومتهم، فهل تمتلك قطر والدول التي تقف معها أدلة تورطهم وتحرجهم أمام المعجبين بهم؟
إن التعبير عن حب الوطن من أصعب التعابير، فأمام حبه تعجز عن وصفه كل الألسنة الفصيحة والأقلام البارعة مهما حاولت تصويره أو تحويره في معنى خاص أو قالب معين، فهل يعي هؤلاء ماذا يعني الوطن.
