الشعور بالمسؤولية تجاه تصرفاتنا وسلوكياتنا علامة رقيّ ودليل تحضر. فالإنسان فردٌ في جماعة، وهو صاحب مسؤولية كاملة عن كل ما يصدر منه، عمدا أو سهوا، ويمس تلك الجماعة، وعليه أن يتحمل النتائج المترتبة على سلوكياته وممارساته مهما كانت.
لقد انتشرت مؤخرا ظاهرة تصوير مقاطع فيديو لممارسات منافية للذوق والآداب العامة، يحاول خلالها بعض المغمورين تحقيق بطولات إعلامية، على حساب صورة المواطن السعودي الناضج الواعي.
هؤلاء الأشخاص الذين يقبلون على أنفسهم أن يصيروا مضحكين، يسخر الناس من تصرفاتهم، ويتندر العالم على جهلهم وغوغائيتهم، يتناسون -وهم يسجلون تلك الحماقات ويرفعونها على محركات البحث ومواقع التواصل- أنهم يمثلون هذا البلد، وأن الصورة التي تنقلها مقاطعهم لا تعكس وعي هذا الشعب وثقافته.
مثل ذلك يمكن أن يقال عن بعض السيدات اللاتي تعجّلن قرار قيادة المرأة للسيارة، والذي يبدأ العمل به بتاريخ 10/ 10/ 1439، متجاهلات ما قد يتسبب فيه هذا التسرع من مشكلات.
فبعض هؤلاء السيدات، اللاتي لا يحملن حسّ المسؤولية، تسببن في حوادث سير مروعة، ذهب ضحيتها مواطنون أبرياء.
ومع أن الجميع يعلم أن الغاية من تأجيل العمل بالقرار إلى التاريخ المحدد، هي السعي إلى توفير كل الإمكانات التي تسهم في نجاح قيادة المرأة، إلا أن تهور وتعجّل بعضهن بهذا الشكل الفجّ، أدى إلى ضعف الثقة في التزام المرأة بالقوانين، خصوصا ما يتعلق بالسير والقيادة.
نحن بحاجة ماسة إلى غرس روح المسؤولية عن التصرفات في نفوس الناشئة منذ نعومة أظفارهم، خلال التركيز على فكرة المسؤولية في المناهج الدراسية، منذ المرحلة الابتدائية، بحيث يتدرج وعي الفرد بها مع ارتقائه سلالم التعليم.
ولا بد أيضا من فرض الغرامات على أولئك المستهترين بصورة الوطن في العالم، ممن تسول لهم أنفسهم المساس بتلك الصورة، بأي وسيلة كانت، حتى لو كان مقطع فيديو ساخرا.
الوعي بالغرامات مثل الوعي بالقوانين والأنظمة، لا بد أن يكون جزءا من المناهج الدراسية، يتعلمه الطلاب في مدراسهم، ولا أظن الطالب الذي يحفظ أنصبة الزكاة في الإبل والغنم -وهي لا تخصه- عاجز عن حفظ القوانين التي تضبط مسؤولياته، وتحدد ما له وما عليه.
فالوعي بالقانون وبالغرامات التي تقع على الفرد عند الإخلال بها، يجعل الفرد أمام مسؤوليته كاملة، وليس أقدر على تحقيق ذلك من المناهج الدراسية التي يمر عليها الجميع، فتبطل بها حجة كل من يحتج لاحقا بعدم العلم.