يبدو أن مسلسل التهجم على المعلمين استهوى كتابا يطلون علينا عبر زواياهم، رأوا في استفزاز ما يزيد على نصف مليون معلم ومعلمة؛ أمرا مبهجا، فما إن قص شريط ذلك المسلسل الكاتب قينان الغامدي حتى قرأنا للكاتب فهد الأحمري مقالا بالعدد رقم 6198 بتاريخ 18 / 9/ 2017 تحت عنوان: (شكرا قينان الغامدي هنا رسائل لمعلم/ة)، ولست أدري على ماذا يشكره!!
على كل حال المعلم بشر، وكما يصيب يخطئ، مثله مثل غيره من الموظفين، ولا يمانع في قبول النقد، إلا أن
ما كُتب بحقه لا صلة له بالنقد البتة، كما أن كتابات هؤلاء، فضلا عن أسلوبهم التعميمي، هي تكرارهم رمي التهم المعلبة جزافا «سروري إخواني صحوي» على كل من يخالفهم الرأي، فلو أنا أبديت رأيا مخالفا حيال تدريس الموسيقى بمدارسنا، فأنا في نظرهم فورا «صحوي وسروري» وبهذا المعنى، سيدخل والدي رحمه الله الذي تجاوز الخامسة والثمانين، وأمي السبعينية في دائرة تهمتهم الجاهزة، وهذا والله هو «التطرف» بعينه في الجانب الآخر، الذي نحذر من عواقبه، ولا يقل ضررا بسلمنا الاجتماعي من التطرف الذي يسلكه بعض الدعاة، حينما يتشددون في فهم الدين، ولا يأخذون بوسطيته.
العجيب أن هؤلاء الذين أساءوا للمعلمين بحجة النقد، يشعروننا وكأنهم درسوا في «المريخ» مع أنهم من «مخرجات» مدارسنا ومعلمينا، بعضهم اشتغل في التعليم، ولم يحقق إنجازات تذكر «تؤهله» ليقدم خبراته للمعلمين، بل العكس هؤلاء حينما تواجههم بأنهم خريجو مدارسنا ومعلمينا، تجدهم يصطنعون مبررات للخروج من مأزق كتاباتهم، بقولهم، لقد درسنا على يد معلمين بارزين! وحينما تقول لهم وماذا عن طلاب اليوم الذين حققوا جوائز عالمية في مسابقات العلوم والرياضيات في دول العالم، وتفوقوا على طلاب دول العالم الأول، حتى أن بعضهم يعمل في مختبرات العالم، ومستشفياته، وفي مختبرات وكالات الذرة والفضاء، أليسوا من مخرجات مدارسنا وجامعاتنا، وعلى يد معلمينا الذين انتقصتم قدراتهم وألصقتم بهم التهم؟! فلاتسمع جوابا، ومع هذا فالذين درجوا على مهاجمة المعلمين كما يزعمون نقدا، تراهم يأخذون أولادهم إلى مدارسنا وإلى معلمينا صبيحة كل يوم!
أرجع لأقول لهؤلاء الكتاب صراحة: كم تكشف كتاباتكم وأنتم تلصقون تهم التقصير والسرورية والإخونجية وضعف الانتماء بالمعلمين؛ بعدكم عن مدارسنا، فأنتم أظهرتم أنكم تجهلون برامج مدارسنا ومناشطها مثل «فطن وحصانة» وأنشطة يومية إذاعية، ومسرحية، ومسابقات وحفلات سنوية، ومشاركات في يومنا الوطني «والمناسبات الوطنية ؛جميعها» تصب في اهتمام «تنمية الانتماء الوطني، وتحصين» طلابنا من الوقوع في وحل الإرهاب والأفكار المتشددة، وتحذيرهم من أفكار «الليبرالية والعلمانية» التي لم ترق لبعض الكتاب، ومن أفكار الإلحادية، والانحرافات الأخلاقية، فرجاء لا تزايدوا على «وطنية» الآخرين، ولا تجعلوا من زواياكم «منابر» توزعون من خلالها شهادات وألقابا، هذا وطني، وهذا غير وطني، ولا تزاحموا الجهات الحكومية الرسمية لتلعبوا دورها «فدولتنا» التي نبايع حكامها في المنشط والمكره، أرواحنا فداها، ونحن جنودها بعد الله.