وضعت سؤالي على طاولة جمعيات وهيئات حقوق الإنسان في بلادنا، حول الأشخاص الذين يستغلون براءة أطفالهم، لغرض الشهرة والتسلق على أكتافهم الصغيرة، والتكسب من ظهورهم، وزيادة أعداد المتابعين.
كان السؤال: ما الفرق بين هؤلاء وبين من يستغل الأطفال في الجريمة والتسول؟!
لا فرق يذكر من وجهة نظري. الغاية رخيصة ودنيئة وغير إنسانية في كلتا الحالتين!
قبل أيام، شاهدت مقطعا لشخص يمسك بعصا، ويحقق مع مجموعة من الأطفال في قضية سرقة وهمية، والأطفال يدفعون التهمة في قلق، وارتباك، وذعر شديد.
كان الهدف من هذه التمثيلية التافهة، هو إضحاك الناس والبحث عن الشهرة، «أمحق من شهرة»!
سيكبر الأطفال، وربما يجدون أنفسهم أمام مدخرات ثمينة: أمام قضية سرقة موثقة بالصوت والصورة تلاحقهم، افتعلها شخص لا يدرك العاقبة النفسية والاجتماعية لفعلته! لم أقل القانونية، على الرغم من أن الاتفاقيات الدولية تشدد أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال. ولا تُجيز استخدامه قبل بلوغه سن الرشد.
لكن الذي عكسته ونقلته لنا تقنيات وتطبيقات التواصل الحديثة في مجتمعنا، شيءٌ مؤلم، ينسف هذه الفقرة نسفا تاما، بل ولا يبقي لها أي أثر. كأن لم تكن!
أعيد طرح السؤال بصيغة مختلفة: كيف يجرؤ هؤلاء على استغلال براءة أطفالهم، وتعليمهم الكذب، وامتهانهم، وتصويرهم لإضحاك الآخرين، دون خوف من القانون؟، هل تراهم يشعرون أنهم في مأمن وركنٍ شديد عن المساءلة، أو حتى التحقيق؟! أعتقد ذلك بشدة.
كثير من الأطفال في بلادنا بعيدون عن حقوقهم. بعيدون جدا. لقد وصل بعضهم إلى مرحلة متقدمة في الاستهانة بحقوق الأطفال. وجمعيات وهيئات حقوق الإنسان في بلادنا تكتفي بطباعة الكتيبات التي تحث على احترام حقوقهم، وتوزع التصريحات الصحفية!.