ليس الوزير ثامر السبهان وحده الذي يجب أن يستغرب صمت الحكومة والشعب اللبناني عن إرهاب ميليشيا حزب الشيطان، وتطاوله المستمر على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، إضافة إلى مشاركتهم في الحرب السورية، والسيطرة شبه التامة على لبنان، بل كل المناضلين من أجل الحفاظ على عروبة أوطانهم وعلاقاتهم الأخوية مع الدول العربية، يشعرون بالصدمة، نتيجة هذا الخنوع والخضوع التام لحزب الشيطان حسن، ومن خلفه إيران، خصوصا أن المملكة العربية السعودية مدت يدها لهذا البلد سنوات طويلة، وقدمت له المساعدات المالية، وأسهمت في إعادة إعماره، وإعطاء فرص العمل لآلاف اللبنانيين في السعودية، ودعمت مصرف لبنان للحفاظ على الليرة اللبنانية، فكيف ردّ لبنان الرسمي والشعبي الجميل للسعودية؟

لقد جاء الرد اللبناني على هيئة تخلٍّ ونكران للجميل، تمثل في تطاول فئات لبنانية على السعودية، أبرزها ذلك القابع في قصر بعبدا، والمنتحل صفة رئيس جمهورية، لا يجرؤ من موقعه على الاعتراض على خطاب يقوده إرهابي يسكن ضاحية العار الجنوبية في بيروت، والمنتدب من خامنئي وليّا فقيها على اللبنانيين، ومحرضا على أمنهم واقتصادهم وقوت يومهم من جهة، وعلى علاقاتهم بالدول العربية والغربية من جهة أخرى.

لقد اختار اللبنانيون الصمت أمام تطاول حزب الشيطان حسن على حليفتهم السعودية التي كان لها الدور الأبرز في إعادة لبنان إلى الخارطة السياسية والاقتصادية، والتي حولت لبنان إلى وجهة سياحية لمئات الآلاف من الخليجيين والعرب، وإعادة إعمار ما هدمته الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي للبنان، فاختار بعض اللبنانيين أن يغرقوا البلد في الجهل والنفايات والعجز الاقتصادي والإرهاب والسلاح الميليشياوي، وتحجيم الجيش وقوته ودوره لحساب مجموعات تعمل على نقل مشروع إيران الطائفي من طهران إلى بيروت، مرورا بدمشق.

إنني اليوم -كمواطن لبناني- أنظر إلى ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، على وقع صمت مخيف من حكومتنا وشعبنا، أقف متضامنا مع المملكة العربية السعودية وسياساتها الحكيمة في مواجهة هذا الاستسلام التام لحزب الله ومشروعه، وبدء تطبيق إجراءات تسهم إلى حد ما في حصار الحزب وبيئته الحاضنة وحلفائه تحديدا في تيار ميشال عون الذي ارتضى تسليم الجمهورية اللبنانية بالكامل لحزب الشيطان حسن، مقابل كرسي في بعبدا، وآخر في الخارجية، ومساعدات مادية لخدمة «تيار العار اللاحر».

المطلوب اليوم من الأحزاب اللبنانية المطالبة باستقالة الحكومة، ورفض تشكيل أي حكومة يشارك فيها حزب حسن الإرهابي، حتى يعلن رسميا التخلي عن السلاح للدولة اللبنانية، وحل الجناح العسكري، وإغلاق قناة المنار، وتغيير اسمه الذي يعدّ تطاولا على الذات الإلهية، فالله -سبحانه وتعالى- ليس في حاجة لأحزاب تحمل اسمه، وتتلهى بالقتل هنا وهناك، والتحريض الطائفي وتشريد آلاف الأبرياء من أراضيهم ومنازلهم!

لقد صبرت المملكة العربية السعودية طويلا على تصرفات حزب الشيطان، وسكتت عنه احتراما للعلاقات التاريخية بينها وبين الشعب اللبناني، ولكنها اليوم وصلت إلى المكان الذي لا تجد فيه أي أمل من هذا الحزب للعودة إلى صوابه، والتخلي عن مخططاته التخريبية والجهنمية التي ترسمه له راعية الإرهاب الأول في المنطقة «طهران»، ولذلك فإننا لا نجد أنه يمكن الاستمرار في هذا الوضع إلى ما لا نهاية، وأنه على حزب الشيطان أن يعرف أن من تحرك في عاصفة الحزم ضد الحوثي، لن يستثنيه ويتركه يسرح ويمرح ويحرض ويتطاول دون حساب.

وعليه، فإن للمملكة الحرية الكاملة في التصعيد والمواجهة اقتصاديا وسياسيا إذا اقتضى الأمر، وستجد كل الدعم من الشعب اللبناني الذي يمثل الأغلبية الرافضة لسلاح الحزب وسياساته، فها هي طرابلس وعكار والشمال اللبناني السني والمسيحي بأكثريته، رافض لحزب الشيطان حسن، وها هي بيروت العاصمة ذات الأغلبية السنية والمسيحية والدرزية، رافضة أيضا سلاح وسياسة حزب الشيطان، وكذلك الجبل بأكثريته المسيحية والدرزية والبقاع وصيدا والجنوب، كل أطياف الشعب اللبناني -إضافة إلى شيعته- الرافضون لحزب الشيطان ومن خلفه إيران، لم ولن يقبلوا بعد اليوم هذا الإرهاب المستشري في المجتمع اللبناني، ولعل انتفاضة #حي_السلم قبل أيام ضد الحزب وقيادته كانت الرسالة الأكثر وضوحا، ففيها لعن الشيعة حزب الميليشيا، وفيها شتموا الإرهابي حسن نصرالله.

في انتفاضة حي السلم، عرفنا أن البيئة الحاضنة لم تكن في يوم من الأيام مغرمة بالحزب، بل فقط بما يؤمّنه لهم من مساعدات مالية وغذائية وطبية، والسماح لهم بالعمل دون قيود أو تنظيم أو دفع ضرائب أو فواتير ماء وكهرباء، هذه البيئة أوصلت رسالة واضحة أنها ستكون شعلة الانتفاضة عندما تحين الساعة للمواجهة، فهي لن تضحي بنفسها ليبقى الآخرون في السلطة.

على الحكومة والشعب في لبنان حفظ تغريدة وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان عبر «تويتر»، والتي قال فيها «ليس غريبا أن يعلن ويشارك حزب الميليشيا الإرهابي حربه على المملكة، بتوجيهات من أرباب الإرهاب العالمي. ولكن الغريب صمت الحكومة والشعب في ذلك».

فما بعد هذه التغريدة لن يكون كما قبلها بالتأكيد، وإن السياسات التي ستتبعها المملكة على كل المستويات مع الجانب اللبناني ستختلف جذريا عن السابق، حتى الانتهاء من سلاح حزب الشيطان وجناحيه السياسي والعسكري، وإعادة الأمور في لبنان إلى ما كانت عليه قبل إنشاء هذا الحزب الخبيث الذي يمثل سرطانا في خاصرة الأمتين العربية والإسلامية، والذي أصبح من الضروري استئصاله تماما.