تكثر البلاغات والشكاوى الطبية في جميع مناطق العالم لحساسية التعامل مع صحة البشر، حيث أشارت التقارير الصادرة عن المجلس الطبي البريطاني إلى زيادة كبيرة في الشكاوى الطبية تفوق الـ 70% خلال خمس سنوات (3615 شكوى بعام 2015، 6145 شكوى بعام 2012)، وأشارت تقارير المجلس الطبي الإيرلندي في تقريرها السنوي إلى زيادة بنسبة 19%‏ في الشكاوى المرفوعة على الأطباء بعام 2015 عن العام الذي يسبقه، وبمجموع 369 شكوى، وقد انتهى 90% من الشكاوي بالحكم بأنه لا يوجد أي خطأ مهني أو طبي في الموضوع، وتم إغلاق تلك الشكاوى.

محلياً لا يوجد حصر واضح لمقدار الشكاوى الطبية، وتحل القضايا الطبية عبر ما يدعى بلجنة الهيئة الصحية الشرعية، وهي عبارة عن لجنة قضائية مؤقتة، مكونة من قاض بدرجة أستاذ يرشحه وزير العدل رئيسا، ومستشار قانوني، وطبيبين، وصيدلي، وأمين للسر يرشحهم وزير الصحة، وأستاذين جامعيين من كلية الطب يرشحهما وزير التعليم العالي، وقد قامت اللجان الطبية الشرعية بجهد موفق خلال السنوات السابقة لا يمكن إنكاره، ولكن كان هناك العديد من السلبيات التي أدت إلى تأخير البت في القضايا لعدة سنوات، ومنها:

1. عدم وجود آلية محددة (لفرز) وفلترة الحالات المحولة للجان الصحية الشرعية، مما أدى إلى تراكم العمل، وتأخر البت في القضايا

2. عدم وجود المتفرغين لهذا العمل الشاق، فجميع أعضاء اللجان يتم استدعاؤهم خارج أوقات عملهم الأصلية بمن فيهم القضاة

3. عدم وجود آلية واضحة للتعامل مع الشكاوى الكيدية التي تؤدي بالممارس الصحي إلى تشويه سمعته (ومنعه من السفر)، وإدخاله في دوامة من الضغوط، وإشغاله عن رسالته الإنسانية

4. عدم وجود دور للهيئة السعودية للتخصصّات الصحية، وخاصة بعد الحكم الشرعي في حالة وجود إهمال أو تقصير طبي واضح، رغم أنها المحك الأساسي لتأديب الممارس الصحي (المهمل)، وإيقاف رخصته الطبية أو منعه من العمل مستقبلاً...

ولإحقاق الحق وسرعة البت في القضايا الطبية وتعويض المتضررين من مرضى أو ممارسين صحيين، أقترح إنشاء محاكم طبية متخصصة، وآمل أن تكون على غرار المحاكم التجارية، ويستطيع أهل المريض أو الممارس الصحي اللجوء إليها مباشرة دون الدخول في بيروقراطية قد تطول، والتي سوف يكون لها الأثر الكبير في:

1. إرضاء وتعويض المتضررين بسرعة كبيرة سواء بالديات أو التعويضات الأدبية المقنعة

2. تطمين المستثمرين في القطاع الصحي بجودة وعدالة البت في القضايا الطبية، مما يسهم في تحقيق رؤية 2030 بالاستثمار في القطاع الطبي

3. عدم إشغال الممارسين الصحيين بقضايا تأخذ سنوات، وقد تؤثر على طريقة قراراتهم الطبية لاحقاً باتخاذ القرار الأكثر سلامة وحذراً للطبيب حتى لو كان الأقل فائدةً للمريض، وهذا في رأيي هو أعظم الأضرار الناتجة عن الشكاوى الكيدية، وتأخير البت في القضايا الطبية.

حتى ذلك الحين وإنشاء المحاكم الطبية أقترح أيضا أن يتم حساب التعويض المالي من تاريخ رفع القضية أو الشكوى، ويكون عبارة عن (قطعة) أرض أو (أسهم) في شركة، عندها تصبح السنين مفيدة ومربحةً وغير محبطة لضحايا القضايا الطبية.