من النادر أن تجد أحدا في مجتمعنا لم يشارك في شبكات التواصل الاجتماعي، فالبرامج في تطور، وتخدم شريحة كبيرة من الناس، وتسهل عملية التواصل مع المجتمعات، حتى إنها أصبحت طريقة من طرق الثراء السريع، فالمشهور فيها ممن يملك عددا كبيرا من المتابعين والمعجبين يقوم بدور المسوق بأجر ليس بالقليل، والمعروف من التجار أو السياسيين يستطيع زيادة المتابعين من الجمهور بغض النظر عن طريقة الطرح أو المعايير. أريد أن أتناول في هذا المقال الجواب عن السؤال الذي لا أظن أنه غائب عن الأذهان: ما إيجابيات وسلبيات هذه الشبكات؟ ولن أتناول في طرحي هذا إلا موقعين من هذه الشبكات وهما «تويتر» و«سناب شات»، ذلك أنهما الأوسع انتشارا، والأعظم تأثيرا.

سأبدأ الحديث عن إيجابيات قبة تويتر الاجتماعية في نطاقنا المحدود، فهي في نظري تقوم مقام البرلمان غير المنتخب -منزوع الصلاحيات-، فعن طريق هاشتاق (#) يتم انتزاع الحقوق، أو دفع الظلم، أو فضح الفساد، أو توجيه الاتهامات، أو تقييم عمل بعض الجهات، أو اقتراح نظام جديد، أو نقد نظام قائم... الخ.

ومن أسوأ سلبيات هذه القبة أنها تجمع المثقف، والمؤثر، والمختص، والمتردية، والنطيحة، فليس كل ما يدور تحت سقفها مفيدا، ولا كل من يتحدث فيها مختص، ولا كل ما يتم نقله من أخبار فيها صحيح، وتكثر فيها الإشاعات، والخرافات، وتنتشر فيها الاتهامات، ولا تخلو من القذف، والتشهير، والشخصنة، والتطبيل، فهي تحمل الغث والسمين.

وأما عن منصة سناب شات فلها إيجابيات وسلبيات، فمن سلبياتها أن كثيرا مما يدور فيها بالخفاء، ولو انكشف هذا الخفاء لوقع البلاء، وفيها من المشاهد التي تؤذي الأبصار، وتفسد الأخلاق، وفيها من المشاهد التي تكسر عين الفقراء، وتظهر إسراف بعض الأثرياء، كما أنها ترفع مقام المفوهين المتعلمين، ومقام المفوهين المهرطقين على حد سواء، ولا توجد سن محددة للاستخدام رغم وجود كثير من المشاهد التي يجب حجبها عن الكبار، فمن باب أولى أن تحجب عن الصغار.

وأما عن محاسنها فمنها الاطلاع على جديد المطاعم، والمقاهي، والأخبار، والحصول على الخصومات، والعروض، والجوائز، وفيها نقل شبه مباشر للمناسبات، وبعض التجمعات، والمؤتمرات، والاحتفالات، ويمكن منها معرفة الجديد من الاختراعات، والتقنيات، والتوصيات، ولا ننسى التواصل مع المضافين، وعرض الصور، والفيديوهات.

إن العبرة من الإجابة عن السؤال المذكور، إظهار مساوئ ومحاسن تلك الشبكات، حتى نستطيع أن نـحسن ونقلل الاستخدام، فهذه الشبكات أشغلتنا عن الطاعات، وألهتنا بالسخافات، وجعلتنا ننظر في حياة الآخرين فنظنها «حياة»، ونتمنى ما عند الآخرين ونظن أنها «الحياة»، حتى إننا نجتمع في مجلس واحد جميعا فتلهينا عن الاجتماع، وتفسد علينا متعة اللقاء.

يحسن بنا أن نضع شاشة الجوال جانبا في أغلب الأحيان، ونتواصل بالحديث مع الأنام، فالبيوت أصبحت موحشة، الكل فيها مشغول بالتواصل، ولا يسمع فيها إلا صوت نغمة الجوال.