في وقت تواصل مختبرات الدواء العالمية الليل بالنهار، وتحترق عقول العلماء لاكتشاف معادلة وطريقة تفاعل المركبات الدوائية مع الجسم البشري، لإنتاج حبة دواء لعلاج أحد الأمراض، يأتيك مقطع «واتساب» لشخص

للتو فرغ من التهام «كبسة دجاج شواية»، ليخبرك أن علاج هذا المرض هو «فص ثوم» على الريق لـ3 أيام!.

تعمل «منظمة الصحة العالمية» -منذ منتصف القرن الماضي- على توفير أفضل ما يمكن من الحالة الصحية

لجميع الشعوب، وتدعم البحوث العلمية، وتقترح الاتفاقيات، وتراقب انتشار الأمراض، ويأتيك مقطع آخر لشخص آخر غاية خبراته وجهوده هو التنقل بين «تويتر» و«قروبات واتساب»، ليخبرك أن علاج المرض الفلاني هو «منقوع البقدونس». وكالعادة، لا بد من ختم رسالته بعبارة «العلاج مجرّب، اُنشر.. غيرك محتاج»!.

ولولا أن الإنسان يتحاشى الفظاظة، لقلت لهذا وذاك ردا على هذه الخرافات والأكاذيب: «على شحم»!

امتلأت فضاءات التواصل بآلاف الرسائل التي لا تدع مرضا في عالم الطب -حمانا الله وإياكم من الأمراض- إلا وتضمنت له علاجا!.

قبل أيام، ينقل أحد الأطباء إصابة أحد مرضاه بجلطة مضاعفة أدخلته العناية المركزة، لأنه ترك الأدوية المسيلة واستبدلها بـ«فص ثوم». مؤكدا أن هناك من أرشد هذا المريض إلى هذه الطريقة، أو قل أرشده إلى العناية المركزة!.

لا أعلم، كيف تغيب الفطنة والنظرة الثاقبة عن الإنسان العاقل، فيضع نفسه دون أن يشعر جزءا فاعلا في هذه الأكاذيب أو الإشاعات، فينقلها دون سند علمي!.

الأمر -من وجهة نظري- أصبح خارج إطار التوعية، وبات يهدد صحة الناس. أظن القانون هو الحل.

أطالب جادا بمحاسبة هؤلاء المتطفلين الذين وجدوا في تطبيقات التواصل فرصة عظيمة لعرض تجاربهم وأوهامهم. يفترض ملاحقتهم، ومحاسبتهم. فما يقومون به ترويج للأكاذيب، وغش وخداع للناس، وعبث وتدمير لصحة المجتمع.