في أول ظهور تلفزيوني للأمير محمد بن سلمان، على تلفزيون «العربية»، كان واضحا أننا أمام بدايات مرحلة لا مكان للمظاهر البراقة فيها.

مرحلةٌ ستُحِدّ من المبالغة في البروتوكولات والاستقبالات والشكليات. خرج الرجل بصورة بسيطة استوقفت المشاهدين الذين لم يعتادوا رؤية مسؤول بهذا الحجم وهو يخرج عليهم بهذه الصورة.

وفي اللقاء ذاته، انتقد الأمير صراحة قيام بعض المؤسسات العسكرية بوضع الرخام في ممراتها والديكورات في أسقفها!

تعززت الصورة حينما التقينا الرجل بعدها بأشهر، في الرياض. خرج علينا بصورة أبسط مما كنا نتوقع. ليعزز القناعة مرة أخرى بأننا أمام مدرسة جديدة تسعى إلى الحد من الشكليات والمظاهر التي طغت على المشهد الإداري، على مدى سنوات طويلة.

بعد نهاية المباراة الحاسمة التي أهّلت منتخبنا لكأس العالم، أرسل الأمير رسالته الأخيرة للحكومة والشعب -في آنٍ معا- حينما نقلت كاميرا الملعب صورته وهو يجلس خلف ساتر زجاجي دون مشلح، دون طابور من المرافقين و«الخويا»، كل ما هنالك طاولة صغيرة أمامه، وضع عليها هاتفه المحمول.

أمس، يتناقل الناس تعليمات وزير الصحة المحبوب الدكتور الإنسان «توفيق الربيعة»، بعدم استقبال مسؤولي الوزارة في المطار بالسيارات المستأجرة، عند زيارة أي منهم إحدى المناطق أو المحافظات، واستقبالهم بالسيارات المتوافرة في المديرية!.

والنقطة الأهم، هي تأكيد الوزير على استقبال الضيف من قِبل منسوبي إدارة العلاقات العامة، وعدم خروج مدير المديرية لاستقبال الزائر في المطار، حتى وإن كان الزائر الوزير نفسه!.

قبل سنوات، دُعيت إلى مقابلة مسؤول كبير. كان عدد المرافقين و«الخويا» والسكرتارية والعاملين والعلاقات العامة و«القهوجية»، أكثر من المدعوين، للدرجة التي ملؤوا المكان، وضايقوا المدعوين، وحجبوهم عن رؤية صاحب الدعوة!.

أتذكر، حينما كان بعض الوزراء يزور المناطق، تمتليء الطرقات بصورهم، وعبارات الترحيب. نسي الناس أنهم أمام موظف يتفقد منسوبي وزارته!.

في منزلك، أنت حرّ، استقبل ضيوفك بالطريقة التي تريدها. بالغ كما تشاء. هذا شأنك وحدك. لكن تحت مظلة الدولة: لا مكان للشكليات والمظاهر!.

اليوم، الأمور منظمة أكثر، عملية أكثر. لكنها أبسط كثيرا مما مضى. وهي تعطي -حسب ظني- مؤشرات واضحة لمستقبل البلاد خلال السنوات القادمة.