عدم فوز المرشح القطري برئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) قد يضعني في حالة رضا وأعتقد، بل وأجزم بأن الكثيرين شاركوني هذه الحالة -السعادة-، وذلك لأسباب سأورد بعضها في هذا المقال.
الهدف الرئيس لهذه المنظمة هو المساهمة في تمكين السلام والأمن الدولي من خلال رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة، لإحلال الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية، ماذا لو أن قطر قادت هذه المنظمة تحت هذه الأهداف التي تعرف بها اليونيسكو نفسها؟!
ماذا سيحل بالعالم فيما لو تمكنت قطر من زعامة هذه المنظمة المعنية بالأمن والسلام عبر التربية والتعليم والثقافة؟!!
صحيح أن دور (اليونيسكو) ضعيف جدا في تحقيق أهدافها المذكورة، الأمر الذي شكّل لها سمعة قد تكون غير جيدة عند كثير من الحكومات والشعوب، إلا أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن تترأسها دول تحكمها أنظمة إرهابية كقطر وإيران ومن على شاكلتهما.
كيف لتنظيم الحمدين أن يقود مثل هذه المؤسسة الدولية، بينما هو تنظيم معني بملفات عديدة من الإرهاب العالمي ودعم الميليشيات والمنظمات الدموية، وإيواء المتطرفين والمطلوبين من دولهم في قضايا إجرامية، علاوة على ملفات الفساد والأعمال المدانة من قبل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، وآخرها ما حصل من سحب جنسيات الآلاف من مواطنيها وتجميد حسابات البعض، واقتحام منازل ومصادرة محتوياتها، وغيرها من القوائم السوداء التي تلطخ سمعة دولة قطر.
كيف لدولة محدودة الحجم الجغرافي والبعد الثقافي، لا تملك تراثا ولا تأريخا ولا منجزات علمية تؤهلها لقيادة منظمة معنية بالثقافة والتراث والعلم.
إن وصول قطر لهذا المنصب سيمكنها من توظيفه سياسيا ضد الدول التي تتهمها بالإرهاب، وقد تعتبر هذا المنصب قبولا عالميا لها ودليلا واضحا أمام المجتمع الدولي على نزاهتها، واعتقادا منها أن هذا المنصب سيخرجها من الأزمة ويجعلها بريئة من جناياتها الإرهابية.
وبينما تبذل معظم دول العالم قصارى جهدها مع الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، إلا أن قطر لا تبذل ولا تقدم أي جهد للتعاون مع أي كان في هذا الصدد. لو تمكنت الدوحة من هذا المنصب ستظل تدندن عليه وتصم آذاننا بهذا المنجز الذي لا يعدو أن يكون منجزا كرتونيا فيما لو تحقق، لكون هذه المنظمة فاشلة من أصلها، إلا أن اسمها يظل دوليا لامعا.
حتى وإن كان الدكتور حمد الكواري عربيا إلا أنه من غير المنطق أن تغلبنا فكرة الأممية العربية على جانب جوهري وهو مكافحة الدول الداعمة للإرهاب، حيث إن المرشح القطري سيكون رهن إشارة قيادته القطرية الملطخة بالدماء البريئة والمسؤولة عن زعزعة أمن واستقرار العديد من الدول، وأولهم جيرانها. إن بذل قطر الدعم اللامتناهي لمرشحها دليل جلي على أن السيد الكواري لن يكون مستقلا برأيه عن حكومته الحالية.
لقد وثقت مؤسسة «UN Watch» العريقة والمتخصصة في متابعة ورصد أخبار الأمم المتحدة، فضيحة قطرية عالمية عن شراء الدوحة أصوات 10 أعضاء من المصوتين في «اليونيسكو». وأشارت تقارير أخرى إلى أن قطر دفعت في هذا الشأن حوالي مليار ونصف المليار ريال، وهي تحاول من خلال دفتر الشيكات استغلال الثقافة والفن لأهدافها المشبوهة.
لقد تجرأ تنظيم الحمدين سابقا في توظيف المال السياسي وظنوا أن كل شيء يمكن شراؤه بالأموال، وهو أمر لم يعد له وجود، لا سيما أن العالم بدأ يحذر من الأموال القطرية ومن التعامل مع الدوحة في جوانب عديدة خوفا من فضائح أموالها الملوثة بقضايا الرشاوى وشراء الذمم وتمويل الإرهاب.
قطر وقفت ضد المرشح المصري فاروق حسني عام 2009، ووقفت أيضا ضد المرشح الأردني الأمير علي بن الحسين عام 2015 لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم ?(?فيفا?)?، وهي التي أفسدت على مصر هذه السنة فرصة فوز السفيرة مشيرة خطاب لشراء الدوحة أصوات بعض أعضاء اليونيسكو،? خاصة أن مرشحة مصر ناشطة في مجال حقوق الإنسان، الأمر الذي يمكنها من العمل ضد كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، بعكس قطر المتورطة في جرائم تمس حقوق الإنسان والأوطان.