إن الكُتاب، والمشاهير، والإعلاميين، وحتى المواطنين كثيراً ما يُنعتون بالتطبيل بين فترة وحين، رغم أن منهم من

لا أعتقد أنه من المطبلين، ولا هو يحسن أساساً التطبيل؛ فمنهم الصادق، والأمين.

إن أُشيد بالإنجازات، قيل تطبيل، وإن أُنتقدت الإخفاقات، قيل نقد لاذع أليم، وإن تم التزام الصمت أو توقفت الكتابات في أمر ظاهر جليل، قيل السكوت عن الحق من صفات الشياطين، بالله عليكم ما هو التطبيل؟

التطبيل هو تعظيم صفات بشر من العالمين، أو المبالغة غير الواقعية بمدح الإنجازات، والسكوت في كل الأوقات عن التقصير، وتركيز الكلام، والكتابات طلباً للعطايا، والهبات، وفي أعظم درجاتها تكون، بالإشادة ببعض التصرفات التي هي بلا شك حماقات.!

وليس من التطبيل ذكر الحقائق، والتغني بالنجاحات، ولا تقديم الشكر أو الهدايا أو القربات، ولا يعد التفاخر بالأوطان تطبيلا، ولا الدفاع عن الإصلاحات تطبيلا، ولا حتى ذكر محاسن الأحياء، والأموات تطبيلا.!

عندما يكون الكلام أغلبه مدحٌ كاذب، لا يمت للحقيقة بصلة، أو عندما ينسب الإنجاز فقط لأعلى الهرم في وزارة ما، أو عندما يتم إغفال الجهد المبذول من الذين ساهموا بتحقيق المأمول، أو عندما ينسب الفضل لغير أهله؛ هنا أستطيع أن أقول بكل سرور إني أسمع أصوات الطبول.

أعتقد أن من الحماقة اعتبار مدح الرموز السياسية تطبيلا، أو مدح الوطن باستمرار في جميع الأوقات، والمناسبات تطبيلا، أو الحديث عن النجاحات التي تحققت في بعض أو كل المجالات تطبيلا؛ فقطعاً من يبالغ بالإشادة بآخر ما توصل له علم الطب من اكتشافات لا يصنف من المطبلين.!

إذا أردت معرفة المعيار، فانظر في الفحوى، والمضمون، فإن كان يحمل المبالغات، ويكثر فيه التدليس أو التناقضات، فهذا تطبيل، ولا تغفل النظر في الصفات إن كان فيها تعظيم، وتبجيل، وتهويل، فهذا تطبيل.

فليطبل المطبلون، فلن نستطيع أصلاً إيقاف الطبول، ولكننا نستطيع أن نخفف من صوتها، ونتكلم بناءً على حقائق، وإحصاءات، ويقين، فليس هذا قطعاً من فن التطبيل.

فلنطبل جميعاً إذا تم ذكر الأوطان، ولنرفع صوت الطبول حين نتحدث عن الإنجازات، والنجاحات، والتطوير، ولن نوقف الطبلة عند تقرير أي أمرٍ فيه صلاح للعباد، وفلاح للأشهاد، وخدمة للوطن، والمواطنين، والدين، فإذا جاء دور الإشادة بالسياسيين أو المسؤولين، فسنخفض صوت الطبول، وسنكون منصفين صادقين عدولا، ولن نذكر

إلا ما نراه واقعاً بحق السياسيين أو المسؤوليين أو حتى دعاة الدين.!

وقبل أن أختم كلامي، بكل أسفٍ أقول: ماذا ضر أصحاب الطبول؟