قرار السعودة كان ملفاً بيد معالي الدكتور غازي القصيبي رحمه الله في بداية الألْفية الجديدة، وسأحكي قصة إعلانها من بداية القناة الأولى بالتلفزيون يومها كنت مديراً للقناة الأولى استقبلت معاليه قرابة العاشرة والنصف صباحاً وهو يحمل إعلان موافقة الدولة على نظام سعودة المهن، ومحاربة البطالة خلال عشر سنوات كما يقول معاليه -رحمه الله-، بتوطين السعوديين والسعوديات في مهن تناسب كل فرد في المجتمع، فهل نجحت السعودة منذ ذلك التاريخ الذي أعلن فيه وزير العمل الجديد غازي القصيبي إلى اليوم، ثم ما هي معوقات السَّعودة، ولماذا تتعثر في مثل محلات الذهب الذي تلبسه المرأة وتتعامل فيه مع الرجال؟ وهل عند تطبيق القرار سيكون للمرأة أم للرجل أسوة بتأنيث مجال بيع مستلزمات المرأة، أم أن بنات حواء ليست لديهن القدرة على حفظ ما يعادل 2 مليون ريال في محل أو يزيد قليلاً؟ حاولت أن أتفهم هذا من أحد أعضاء الغرفة التجارية بالرياض، وخصوصاً من متخصصي تجارة الذهب فوجدت أن سعودة محلات الذهب موضوع شائك فيه غموض، ويقولون يصعب علينا تطبيقه خلال هذه الفترة! وأتساءل أيعقل أن 17 عاماً تقريباً منذ إعلان السعودة في عهد القصيبي حتى اليوم لم تنجح؟

هنا يحق لكل قارئ أن يسأل عدة تساؤلات: لماذا تأخرت السعودة للذهب، أين ملاك الذهب، أين دور الغرف التجارية، أين سلطة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وقراراتها السريعة في تأنيث المحلات النسائية حتى إن سرعتها أربكت ملاك المؤسسات والشركات العاملة في هذا المجال؟ وهم الذين راجعوا وزارة العمل لأكثر من مرّة لشرح وجهات نظر التجُّار أنفسهم، وأن تطبيقه ليس عاماً وإنما نجح في المولات المغلقة ولم ينجح في الطرقات العامة، ومازالت الوزارة مشكورة تراجع مثل هذا الموضوع. أعتقد أننا اليوم مازلنا نراجع سعودة الذهب لنأخذ بخاطر ملاكه من المستثمرين على مختلف فئاتهم المحلية والخليجية، وأظن معها مستثمرون آخرون، ولهذا حسمت الوزارة هذا الموضوع ليكون خلال شهرين، وهو المهلة التي اُعْطيت لهؤلاء الملاك، بقي أن أقدم بعض الملاحظات لهذه المهنة تحديداً لعل رجاء بعض الملاك يُستجاب له، وهو أن هذه المهنة لا يفهمها كل الشباب، وأن الملاك ليس باستطاعتهم تسليم أموالهم وخزائن المحلات لشباب يرغبون في الاستراحة بين الثانية عشرة ظهراً والخامسة عصراً والمحلات ليس فيها إلا بائع ومساعده مثلاً، وكلهم مسؤولون عن الخزانة العامة في المحل، لهذا أقترح أن يكون دوام محلات الذهب فقط خلال الفترة المسائية أو يفتح في المولات الكبيرة من 12 ظهراً حتى 9 مساء، وأن يتهيأ الجو لتدريب الشباب وتشجيعهم بمنحهم نسباً مع الراتب الضئيل الذي لا يشجع على تحمل مسؤولية الأموال، ادرسوا هذا الموضوع بعناية واسمعوا وجهات نظر رجال الأعمال والغرف التجارية بحكم الخبرة ثم طبَّقوا الأنظمة كما تشاؤون، ودمت يا وطن العز بخير.