وأنا أقرأ عن تعثر التحول إلى الحكومة الإلكترونية في معظم الجهات الحكومية لدينا، تذكرت ما يعرفه كثيرون من بدايات كرة القدم وقيادة السيارة وهي بدايات مازلنا في تبعات عثراتها حتى اليوم، فقد قامت فكرة كرة القدم على تهيئة الملاعب وشحن الأنفس المتحمسة للتشجيع، أما اللاعبون وهم المحور الأساس فاكتفينا بتلقينهم (طقها والحقها)، ومثل ذلك حدث مع قيادة السيارة، حيث تكدست منتجات مصانع السيارات في أسواقنا وشوارعنا وأقبل عليها المشترون وهم لا يعرفون سوى (يممها للطريق) ولذلك أصبح النظام المروري وأرواح الناس في خبر كان.

عندما قررنا التحول إلى الحكومة الإلكترونية توجهت القطاعات الحكومية إلى مصممي المواقع الإلكترونية الذين صمموا المواقع وزينوها حتى أصبحت تسر الناظرين، لكنها بقيت للفرجة حتى إن كثيرا منها لم تتجدد معلوماته منذ سنوات، والسبب واضح فهذه القطاعات الحكومية قفزت قفزا إلى النتيجة بينما المنطقي أن تبدأ بتأهيل الكوادر التي تدير هذه المواقع وتتعامل معها، فكانت النتيجة كما نرى الآن حيث لا حكومة إلكترونية ولا يحزنون سوى في قطاعين أو ثلاثة أعرف منها وزارة الداخلية ووزارة التعليم العالي فيما يتعلق بخدمات الابتعاث والمبتعثين، ووزارة الخدمة المدنية فيما يتعلق بالتوظيف.

إن السؤال الطبيعي الآن يقول كيف نجحت وزارة الداخلية وفشلت بقية القطاعات؟ ولعل الإجابة الطبيعية هي التي ذكرتها أعلاه، وهي أن الوزارة بدأت بتأهيل الكوادر مستغلة الوقت والجهد والمال فيما هو أبقى وأجدى، ثم انطلقت نحو التجريب والتطوير حتى نجحت في التحول إلى الحكومة الإلكترونية على الرغم من أنها تعد أكبر قطاع خدمي فيما أظن على الإطلاق، ولكن لماذا الداخلية ذهبت أولا لتأهيل كوادرها بسرعة وكفاءة ونجحت بينما بقية القطاعات لم تفعل ذلك؟ هل تلك القطاعات لا تعلم فعلا أن خطوة تأهيل الكوادر هي الخطوة الأولى للتحول الإلكتروني، أم إن هناك سببا آخر لما حدث؟

لقد كان من المفروض الانتهاء من مشروع التحول إلى الحكومة الإلكترونية أوائل العام القادم 2011، أي بعد أشهر قليلة من الآن، لكن لا شيء حدث، مع أن الدولة رصدت ثلاثة ملايين ريال لهذا التحول الذي لم يتحقق إلا في وزارة الداخلية، كما ذكرت، ووزارة التعليم العالي كما أعرف في جوانب الابتعاث، ووزارة الخدمة المدنية في جانب التوظيف، أما بقية القطاعات فلاشيء.

السبب ليس عدم تأهيل الكوادر مع أنه هو السبب المباشر، ولكن السبب الأهم انعدام المساءلة فكل القطاعات آمنة مطمئنة إلى أن أحدا لن يسألها لماذا لم تفعل ناهيك عن أن يعاقبها، ولذلك فهذا التحول الإلكتروني سيظل حلما نقرأ تأويلاته في التصريحات والتقارير السنوية، وفي ملايين الريالات التي تذهب أدراج الوعود الحالمة والمسارب الوهمية.