أحب النكتة والمقطع الطريف، وأحب الصورة الجميلة التي تصافحني عند الصباح، وأحرص على تداولها مع مجموعة خاصة في «واتساب»، تتزعمنا فيها شخصية محبوبة، عاشقة للحياة والجمال حتى آخر قطرة، ينطبق عليها وصف محمود درويش «نسيمك عنبر.. وأرضك سكَّر.. وقلبك أخضر»!
أود القول، إنني أحب تداول النكت والمقاطع الطريفة، إلا أنني أتحفظ تماما على المقاطع أو النكت التي تحاول تغيير الصورة الذهنية لدى الناس عن أي شريحة عريضة في المجتمع. سواء عن قصد، أو عن حسن نية. وأبرزها المقاطع التي تصور حالة المتقاعدين، فيتم تقديمهم بصورة مزرية مثيرة للضحك، فبعد أن كان لهم حضورهم في المجتمع باتوا مادة للتندر والسخرية!
أتحدث بعيدا عن الأمور الإجرائية كالرواتب والبدلات التي يفقدها الموظف في أول يوم من تقاعده، وبعيدا عن ظروفهم الاقتصادية التي تحدثت وكتبت عنها كثيرا، وختمتها بأمنية أن أشاهد برنامجا يقارن بين المتقاعد الياباني والمتقاعد السعودي. كيف يعيش كل منهما حياته، ما الذي يشغل بال ذاك، وما الذي يشغل بال هذا؟!
كما قلت، أتحدث على وجه التحديد عن الصورة الذهنية للمتقاعد. لا ينبغي تشويه صورة رجال خدموا الدولة، وأفنوا سنوات طويلة من أعمارهم في خدمة مجتمعهم، وتقديمهم عبر مقاطع رديئة في صورة مرضى نفسيين، ومدمني مخدرات، ومهووسين بالملذات وملاحقة النساء، تحت عناوين مشوهة نحو «نهاية متقاعد»، و«مشاكل المتقاعدين» و«اضحك مع المتقاعدين»!. ومحاولة ترسيخ أن هذه هي صورة الموظف السعودي بعد التقاعد!
لست مثاليا، ولا متجهما، ولا مكتئبا -ولله الحمد- وأعترف أنني أبحث عن النكتة الجديدة، لكنني ضد النكتة التي تشوه الآخر. مع المقطع الطريف لكنني ضد المقاطع التي تسخر من الآخر. مع الصورة المضحكة لكنني ضد الصورة التي تقلل من الآخرين. قد يستهين بعضنا بما يحدث، لكن الأمر أبعد مما نتصور.
في الختام، التقاعد كالموت. باب سيدخله الجميع. وما تحيكه وتفصّله اليوم سترتديه غدا!.