أكد خبير المياه، الدكتور محمد الغامدي لـ«الوطن»، أن الاستنزاف الزراعي من المياه الجوفية في المملكة يصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويا، داعيا إلى اتخاذ إجراءات فورية، لحماية ما تبقى من مياه للأجيال القادمة.
على الرغم من إعلان وزير البيئة والمياه والزراعة في الـ17 من يوليو 2017، أن زراعة الأعلاف الخضراء تستهلك سنوياً أكثر من 17 مليار متر مكعب من المياه، في حين أن القطاع السكني والتجاري لا يستهلك أكثر من 3 مليارات متر مكعب من المياه سنويا، أكد خبير المياه وعضو هيئة التدريس سابقا، في كلية العلوم الزراعية والأغذية، جامعة الملك فيصل الدكتور محمد الغامدي لـ«الوطن»، أن كل المؤشرات العلمية والتقارير والتصريحات الرسمية والواقع تشير إلى صحة ما ذهبت إليه من أن الاستنزاف الزراعي من المياه الجوفية في المملكة يصل إلى أكثر من 30 مليار متر مكعب سنويا، مشيرا إلى أن هذا الرقم ينذر بالقلق والخطر، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية، لحماية ما تبقى من مياه للأجيال القادمة.
استنزاف جائر
أوضح الغامدي أن استنزاف القمح والشعير والأعلاف قد بلغ عام 1994 نهاية خطة التنمية الخامسة حوالي 17 مليار متر مكعب، منها حوالي 9 مليارات متر مكعب يستنزفها القمح والشعير في ذلك الوقت، وكانت الأعلاف تستنزف حوالي 8 مليارات متر مكعب، مبينا أنه بعد توقف القمح والشعير كان يفترض توفير ما كان يستهلكه من مياه جوفية إلا أن الاستنزاف الجائر استمر بشكل متزايد سنويا.
تغيب المسؤولين
أبان الغامدي أن تصريح الوزارة يؤكد أن زراعة الأعلاف توسعت، وأن الأعلاف والاستهلاك السكني بلغ 20 مليار متر مكعب سنويا، حيث يتم استنزافها من المياه غير المتجددة، وهذا يعني أن الوزير لم يتطرق إلى ما تستهلكه الزراعات الأخرى، ومنها زراعة النخل الذي وصل إلى أكثر من 30 مليون نخلة، إضافة إلى استهلاك أشجار الزيتون والفواكه وبقية الزراعات الأخرى.
وأضاف الغامدي قائلا: «وفقا للمعطيات العلمية فإن استهلاك النخل سنويا يزيد عن 6 مليارات متر مكعب، وبقية الزراعات الأخرى تستهلك أكثر من 7 مليارات متر مكعب سنويا، وهذا يعني أن الزراعة في المملكة تستهلك أكثر من 30 مليار متر مكعب سنويا، وهذا ما كان مغيبا من كل المسؤولين في الوزارات المعنية، بقصد أو بدون قصد، أو دون معرفة».
الزراعات العشوائية
أشار الغامدي إلى أن الحل الذي يجب اتخاذه فورا هو إيقاف الزراعات العشوائية في مناطق الصخور الرسوبية، وإعادة الوضع الزراعي في هذه المناطق إلى ما كان عليه قبل خطة التنمية الثانية عام 1975، وذلك بسحب جميع مساحات الأراضي البور التي تم منحها للزراعة في هذه المناطق، أو تحويلها إلى نشاطات أخرى لا تستهلك المياه الجوفية.
وأيضا الإيقاف الفوري لكل النشاط الزراعي لجميع الشركات الزراعية، والسيطرة على الآبار الجوفية بشكل حازم ودقيق، وتحويل ما تبقى من مياه جوفية في مناطق الصخور الرسوبية إلى الاستهلاك السكاني عبر شبكة من الأنابيب تغطي جميع مناطق المملكة، والتخلص من التحلية التي لا يزيد إنتاجها السنوي عن 1.5 مليار متر مكعب، وهذا رقم ضئيل جدا، ولكن تكلفته باهظة تزيد عن 22 مليار ريال سنويا.
المناطق المطيرة
يرى الغامدي أن تنتقل الزراعات إلى المناطق المطيرة من المملكة في أودية وسفوح جبال السراة والحجاز عن طريق بناء المدرجات لتحقيق الأمن الغذائي والأمن المائي، وذلك لصيد وجمع وتخزين مياه الأمطار بواسطة المدرجات الزراعية، حيث تصل كمية الأمطار سنويا إلى أكثر من 40 مليار متر مكعب سنويا، وهذا يشجع استثمارها زراعيا بجانب استثمار سهول تهامة التي تغذيها السيول القادمة من جبال السراة والحجاز، منوها أن استثمار مياه الأمطار في جبال السراة والحجاز وتخزينها مباشرة في تربة المدرجات الزراعية سيزيد من تغذية المياه الجوفية المتجددة في الدرع العربي، الأمر الذي سينعكس إيجابا على تغذية المناطق الداخلية للمملكة شرقا.