فيما انطلقت المرحلة الثانية عشرة من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، يستعد الكثير من أبناء وبنات الوطن لخوض تجربة العمر. إن الابتعاث ليس مجرد رحلة دراسية، بل هي تجربة متكاملة بمعطيات ثقافية واجتماعية وعلمية، وتحمل في طياتها أكثر من ذلك إن كان الطالب فاعلا في مجالات أخرى. هناك عدة مسائل يجهلها حديثو العهد بالابتعاث والتي قد تشكل عائقا لبعضهم. فالبعض لديهم أمّ كبيرة في السن وليس لها أي عائل آخر سواه. إثر هذه الظروف قد يقوم المبتعث بإلغاء ما تبقى له من إجراءات والتخلي عن طموحه لكي يلازم والدته، إلا أن مدير عام الإدارة العامة لشؤون الابتعاث الدكتور محمد العمر ذكر في ملتقى المبتعثين الأخير أن الوزارة تقف على الدوام في صف المبتعث وتلقي اهتماما بشؤونه، فإن كان المبتعث يمر بنفس هذه الظروف ستعرض حالته على اللجنة، وسيكون هنالك استثناء لتكون الأم مرافقة لابنها المبتعث، كما ستخصص لها الوزارة التذاكر والتأمين الصحي. كما أن هناك مسائل تعترض أخواتنا المبتعثات، منها تغيير المحرم، فمن البديهي أن المبتعثة التي تتزوج تقوم بتغيير المحرم من والدها أو أحد إخوتها إلى زوجها، وبما أن المرافق يتمتع بميزة الدراسة فقد يكون زواج المبتعثة عثرة أمام المرافق الذي بدأ الدراسة، إلا أن الوزارة تنظر إلى كل حالة من هذه الحالات على حدة، فالمرافق الذي أتم ?50‏ من برنامجه الدراسي ستتولى الوزارة دفع تكاليف ما تبقى منه، وسينضم إلى البعثة في ملف منفصل. كما أن بعض المبتعثات يتساءلن عن مرافقة الزوج غير السعودي فإجابة الدكتور كانت «ليش تتزوجين غير سعودي! الأولوية لعيالنا لكن اللي صار صار حتى حنا ما نبي عيالنا يطلعون برا»، لكن هناك بالتأكيد بعض المبتعثات اللاتي يرافقهن أزواج غير سعوديين. أيضا من مميزات المرحلة الثانية عشرة هي ضمان الوظيفة بعد العودة من الدراسة وتوقيع الطالب العقد قبيل الابتعاث، إلا أن عددا لا بأس به من المبتعثين تفاجؤوا بعدم وجود وظائف مضمونة لهم، وهذا بالتأكيد يتناقض مع هاشتاق المرحلة #وظيفتك_بعثتك، ويعرف هذا المسار بالمباشر أو الابتعاث المباشر الذي كان من نصيب الطلبة المندرجين تحت جهة وزارة التعليم.

أرى في الابتعاث مزايا كثيرة تعود على الشخص بالارتقاء الفكري والاجتماعي، كما أن اهتمام أي دولة بالتعليم ومخرجاته يدل على قوتها، ولكن يجب على المرشحين في هذه الفترة أن (يحسبوها صح) بالنسبة لعمرهم وسنوات الخبرة التي لديهم، فمن كان في الثلاثين من عمره الآن، وليس لديه سنوات خبرة سابقة لأسباب مختلفة، أبرزها الابتعاث ضمن مراحل سابقة من البرنامج، أن يسأل نفسه سؤالا، هل الحصول على درجة الدكتوراه أمر مجدٍ وسيتيح لي فرصا وظيفية أكثر؟ علما بأن الوزارة لن تضمن لي وظيفة وسأكون حين عودتي في أواخر الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمري دون خبرة! بالنسبة للعديد من الأشخاص تجربة الابتعاث تكون ناجحة ومميزة، خصوصا إن كان التخصص لا يتواجد في جامعاتنا، أو في حال وجود جهة توظيف يعود إليها، إنما في حالات أخرى قد يكون الوقت بدل الضائع الذي يقضيه الشخص في الخارج غير ضروري والنتيجة محسومة ومعروفة مسبقا، لكون الطالب تشتت وتاه في دهاليز المسارات الدراسية غير المتطابقة والممتدة منذ مرحلة البكالوريوس انتهاء بالدكتوراه، إن هذا أمر وارد الحدوث، نظرا لقلة التوجيه وعدم معرفة الكثير من الطلبة بهذا الشرط. ما زال هنالك وقت لكي نرتقي بأنفسنا وبهذا الوطن، سواء عن طريق جلب علوم ومعارف جديدة، أم بالمساهمة الآنية في إرساء قواعد مجتمع ذي آفاق مزدهرة.