ألاحظ المهتمين العرب يحتفون دوما بما أتى به الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي بتركيز قليل أو معدوم على سلبياته ونقد معطياته. يقول أحد أكثر الباحثين تأثيرا في قطاع الاتصال الجماهيري «دينيس مكويل» إن الإعلام الجديد بكل ما يحتويه من تنوع واتساع أفق وإتاحة منصات حرة للجميع يظل قابلا للنقد من مبدأ أن تنوعه قد تسبب في تجزؤ الجماهير إلى أوصال عديدة، مما يصعّب الوصول إليهم جماعيا من قبل الناشر كما كان الوضع سابقا، وبات من الضروري مراعاة تعدد منصات الإرسال، وتجنب استخدام منصة واحدة. وحتى مساحات الحرية التي وفرها الإعلام الجديد يمكن نقد تسببها في تسهيل نشر وترويج محتويات غير مناسبة مثل العنف والإباحية، وأما منح الجميع منابر يعتلونها فقد قدم فرصة الشهرة على طبق من ذهب للكثير من الحمقى والسذج وجعلهم متساويين مع، وربما يتجاوزون، نخبة المجتمعات وصفوتها. إضافة إلى ذلك، هناك انتقادات على الإعلام الجديد في جوانب أخرى مثل عدم موثوقية محتوياته وعدم احترام خصوصية مستخدميه، والعزلة، والاحتكارات في الملكية بأن تشتري المواقع والتطبيقات بعضها البعض، والأمر الذي يواجهه معظمنا في تفاصيل الحياة اليومية: تشتيت الذهن.
هذا بالطبع لا يعني أن الإعلام الجديد لم يحدث ثورة اتصالية كبرى لها إسهاماتها الثقافية والتعليمية والإبداعية، ولا يدعونا إلى التقليل من دور الإعلام الجديد في إشراك الفرد بصناعة المحتوى بأن يكون له رأي وحضور. لكن من الواضح أن هناك حالة من الانحياز لصالحه والإفراط والمبالغة في استعراض إيجابياته من قبل كثير من الكتّاب العرب، والحال أنه حتى إذا طغت فوائد الإعلام الجديد على سلبياته، فإن المنفعة الأكبر منه على صعيد الإيرادات والمال أو صعيد الاستخبارات والتجسس أو على صعيد الاستهلاك الجماهيري ستجنيها غالبا الدول التي تملكه وتديره، وتلك الدول ليست عربية.