«المشاكل ملح الحياة»، فأي عقبة كانت أم صغيرة يتخطاها الزوجان سويا تحتسب لكليهما في الرصيد أو ما يعرف بالمخزون الإيجابي لزواجهما. ففي عصر السوشال ميديا انتشرت العديد من الحسابات المفيدة وغير المفيدة أحيانا بحسب مقدم المحتوى، وهي لتوعية المقبلين على الزواج بحقوقهم وواجباتهم، ووضع سيناريوهات متكررة الحدوث في الحياة الزوجية. المشاكل عادة تكون مادية أو معنوية أو عضوية أو اجتماعية. فالأخيرة قد تكون الأصعب حلاًّ والأخطر تأثيرا على رباط المودة والرحمة بين الأزواج، نظرا لكون المشاكل الاجتماعية تحمل في طياتها العديد من المتغيرات والاعتبارات، منها العادات والتقاليد والمجاملات التي يقدمها كلا الزوجان لأشخاص مؤثرين في حياتهم قبل الزواج وبعده تباعا، كالأم والأب والأخوات والعم والخال -حفظهم الله- والقائمة لا نهاية وحصر لها، باعتبار أن مبادئ الاحترام للكبار والبر للأهل قائمة في النفس وذلك أمر واجب. إلا أن أغلب حالات الخلاف الزوجي والنزاعات التي يصل فوح تفاصيلها إلى القريب والغريب غالبا ما تبدأ بنية طيبة من الأهل على شكل نصائح مغلفة بسنوات الخبرة الطويلة والحكمة الضالة التي لم تجدها بعد، أغلب كبار السن وتحديدا المتزوجين لسنين طويلة منهم يُعلِّمون على المقبل على الزواج وعلى حديثي العهد به بذكر عبارة «من خبرتي الطويلة يجب عليك أن...» أو «أنا متزوج منذ 25 سنة، أصنع وأفعل كما أقول لك»، وهذه العبارات توقع الشخص في حيرة من أمره، فإن لم ينفذ ما يؤمر به -أمر متنكر بشكل النصيحة- سيغضب الناصح، وقد يدخله ذلك في دائرة العقوق ومتاهات التمرد. مما لا شك فيه أن المقبلين على الزواج في حاجة ماسة إلى التوعية في هذا المجال، إلا أن أهالي المقبلين على الزواج أكثر حاجة للتوعية وكيفية التعامل مع أبنائهم وزوجاتهم وبناتهم وأزواجهم. فليس كل مشكلة تستحق التدخل من الوالدين وإن طلب الابن أو الابنة المساعدة منهما، فكم من مشكلة صغيرة واستياء عابر تفاقم ووصل بالأزواج إلى الانفصال العاطفي أو الرسمي لتدخل طرف خارجي بنية التوجيه والتقويم. قد يظن الناصح الحكيم أن ابنه لم يطلق زوجته بعد نصحه له، وبذلك نجح في مهمته، إلا أنه بنصيحته تلك تسبب بانفصالهما عاطفيا، وذلك أشد وقعا في نفوس المتزوجين، لأن الشخص يكون متزوجا في نظر الناس ولكنه يعيش التعاسة في مملكته الضائعة. إن تدخل الأهل مهم في حالات الإصلاح بين الزوجين حين حدوث الشقاق، ولكن التدخل قبيل هذه المرحلة غير مجدٍ. فالتدخل بحد ذاته كفيل بأن يزعزع كيان أسرة. ليتذكر الأب أو الأم في حال مغالبتهم الرغبة في التدخل مبدأ «البيوت أسرار»، ولا توجد رواية كاملة من شخص واحد في العلاقة، وإن اجتمع الزوجان على رواية واحدة ستظل هنالك بعض الصفحات التي سقطت سهوا أو أُسقِطت تعمدا بغية الحفاظ على ما تبقى من المعروف والفضل الذي بينهما. كما هناك حسابات ومدربون ومدربات مهتمون بتأهيل المقبلين على الزواج فيجب أن يكون هناك توجه نحو توعية أهاليهم، فالعقدة التي بين شخصين أيسر حلاًّ من تناهش مئة يد لها في ذات الوقت. سيكون من المفيد أن تولي وزارة الشؤون الاجتماعية اهتماما لهذا المجال، وذلك بعمل دورات تعنى بالأسرة وشؤونها، لأن الأسرة هي حجر أساس المجتمع، أيضا من الجميل أن تصل المقبل على الزواج وأهله رسائل توعية مثلا بإرسال رسائل أسبوعية للزوج والزوجة عن استراتيجيات حل المشاكل وأنواعها، أيضا رسائل تتضمن طرق إسداء النصائح ووقتها الصحيح والتعامل مع مشاعر الغيرة لدى الأمهات والآباء. قد يكون تنفيذ هذا المشروع الأُسَري ممكن التحقيق عن طريق الربط بين وكالة الأحوال المدنية ووزارة الشؤون الاجتماعية، والعمل بإيقاع متناغم يداً بيد لتهيئة أسرة ومجتمع قوي ومتماسك.