كرر المذيع اللامع علي العلياني مساء الأربعاء الماضي في برنامجه المتألق «معالي المواطن»، كرر العلياني سؤاله ثلاث مرات أو أكثر على المتحدث الرسمي للأحوال المدنية محمد الجاسر: لماذا لا تجعلون الـ D.N.A أول خطوة في إثبات بنوة الابن لأبيه!؟ وكرر المتحدث الرسمي أن هذا الإجراء هو آخر شيء، وقال: لدينا إجراءات لا يمكن تجاوزها، ومع أن العلياني أصر على البحث عن السبب، إلا أن المتحدث الرسمي أصر على أن هناك إجراءات لا بد منها أولا، وآخر شيء يتم اللجوء إليه هو: تحليل الـD.N.A!.

المتحدث الرسمي يتحدث عن نظام متبع، لكنه أيضا يتحدث عن عقلية، وهذه العقلية لا تقبل التغيير ولا التطوير، وإلا فكيف يكون تحليل الـD.N.A آخر إجراء لإثبات البنوة، أليس هذا أمرا يثير العجب!؟.

الـD.N.A تصدر في ضوء نتيجته أحكام شرعية وقانونية في إثبات النسب أو نفيه على مستوى العالم، فكيف تجعله الأحوال المدنية آخر إجراء!، ثم ما هي الإجراءات المنطقية السابقة له!؟.

إنها مجموعة وثائق ورقية بأختامها بعضها أو كلها يمكن تزويره، وإثبات صحتها أو تزويرها يتطلب وقتا طويلا وجهدا، وأهم من ذلك أنه يسبب ضياعا وحرمانا لمستحقي الجنسية، أو إشغالا وتضييع وقت لإدارات الأحوال المدنية!.

لك أن تتخيل أنه ليس لدي أي وثيقة سوى اعتراف والدي بي، أو ادعاء أمي أنني ابن فلان، فلماذا لا توجهني الأحوال المدنية لإجراء تحليل الـD.N.A، وتنهي موضوع جنسيتي في ضوئها!؟

أسأل لأنني فعلا فوجئت بإجابة متحدث الأحوال المدنية وهو يقول بثقة: هناك إجراءات لابد منها قبل هذا التحليل!.

الموظفون كما يبدو لا يريدون أي نظام يختصر العمل ويلغي تسلطهم وأهميتهم، ولذلك يقاومون أي جديد بضراوة واستبسال، لأن أي نظام كنظام التحليل هذا سيلغي أكثر من تسعين بالمئة من أوراقهم وملفاتهم، وأهم من ذلك أنه سيلغي أهميتهم وتسلطهم، والمرمطة التي يمارسونها: راجعنا بعد شهرين، بعد ثلاثة، بعد سنة!، لماذا!؟ لا أحد يدري، وليس على المراجع المحتاج سوى الامتثال، كما ليس من حقه أن يناقش أو يسأل، وإلا طالت مواعيده إلى سنوات وعقود!، أهمية وغرور وخوف حراس الروتين القديم المتهالك لن تتنازل ببساطة إلى بساطة العلم الحديث!، ولن تقبل ببساطة أن تلغى أوراقها وملفاتها بمجرد تحليل في ساعة أو ساعتين!.

ولهذا فالأمر التطويري في أي جهة، يجب أن يتخذ من الجهة العليا، وهي هنا وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود، ودون أن يستشير حراس الروتين وعشاق الورق!، فهم لن يقبلوا بسهولة أي تطوير يلغي أهميتهم، ويجعل صاحب الحاجة ينال حقه دون أن يقف على أبواب مكاتبهم، وربما يترجى ويتوسل ويتوسط!.

الحرس القديم لن يقبل أي تطوير علمي حديث، ولكنه يذعن مرغما كارها حين يصدر قرار التطوير من صاحب الصلاحية، دون العودة إليهم أو استشارتهم، إنهم إذا فوجئوا بقرار تطويري نخوا!. ولله الأمر من قبل ومن بعد!