لا يمكن أن تشعر بالمشكلة ما لم تكن جزءا منها.. حتى لو حاولت.. تظاهرت.. تباكيت.. يظل شعورك دون الشعور الحقيقي بمسافات شاسعة..

أنا هنا لا أتبنى رأيا.. سأعرض الحالة بتجرد.. فقط أعرض لكم معاناة سيدة خمسينية.. وصلني صوتها شاكيا باكيا.. طلبت منها أن تكتبها وترسلها لي.. أضحكتني بقولها: «لا تصير مثل اللي يقولون اترك الملف عندنا، وراح نتصل بك».. وعدتها بنشر معاناتها، وها أنذا أعرضها أمامكم بقلمها هي باختصار شديد لظروف المساحة..

 - تقول هذه المرأة: «عشت مع زوجٍ ظالم، هجرني منذ سنوات، لا ينفق عليّ، ولا على أولاده، قضيت نصف عمري وأنا أعمل مثل الرجال، وربما تحملت أعباء وضغوطا لا يتحملها أقوى الرجال، مررت بمواقف مؤلمة في حياتي، أذكر لك أنني لم أكن أستطيع الاستئجار باسمي بحجة أن النظام لا يسمح، كنت أضطر أن أستأجر البيت باسم ولدي المراهق، دخلت معارض السيارات واشتريت السيارات لأولادي، وكل الورق والعقود باسمي.. تجاوزت سن الخمسين وأصبحت امرأة مطلقة، والذي أعاق حياتي، وهذا سبب رسالتي لك، أنني ما زلت أحتاج لتصريح وموافقة ولي إذا أردت السفر للخارج.. بعد تقاعدي من الوظيفة فكرت في رحلة سياحية مع أطفالي، توجهت لطليقي الذي تخلى عنا منذ سنوات، وطلبت منه الموافقة، فرفض بكل تعسف وظلم، لا لشيء سوى أنه هو صاحب القرار في حريتي وحياتي بمسمى الولاية طالما أنه يماطل بصك الطلاق»!

تقول: «بحثت عن البديل، فقيل لي إنه ابني هو من سيتولى أمري ويوقع التصريح؛ ابني الذي كنت أرعاه وأوجهه وأحدد له متى ينام، ومتى يخرج من المنزل، ومتى يسافر، ومع من يسافر، الآن انقلب الوضع وصار هو الولي الذي يسمح ويوقع، وربما يرفض خوفاً من والده»!

«أستاذ صالح.. أشكو بصمت، ولو تكلمت واشتكيت وطالبت بحقوقي بصوت مرتفع لقالوا عني الكثير، واتهموني بسوء التربية والأخلاق، وشككوا حتى في دينى وعلاقتي بربي.. أنا لست جاهلة، أنا امرأة في الخمسين من عمرها متعلمة ومربية أجيال، ربت أولادها، وتحملت كل الهم والمسؤولية وحدها، ماذا بقي من عمري كي أصبح رهينة لنظام يمكن تغييره بقرار بسيط»..

هذه حكاية حقيقية عرضتها لكم، ومثلها كثير.. ما رأيكم أيها الرجال؟!