قررت وزارة التعليم في نهاية العطلة الطويلة، في تعميم أُرسل إلى إدارات التعليم ، إدراج أربع حصص أسبوعية، بواقع ستين دقيقة لكل حصة دون أن تستقطع من أي زمن آخر مخصص للطلاب، تخصص للنشاط وكان التعميم قد بدأ التنويه بأن الهدف هو «إبراز النشاط والاهتمام به» رغم أن تعليق متحدث الوزارة لإحدى وسائل الإعلام يتناقض مع التعميم في آلية التنفيذ، وتعليقا عليه أقول:
لا أحد يمكنه إنكار أهمية النشاط المدرسي وأثره في صقل شخصيات الطلاب، وإبراز مواهبهم، وتعزيز هواياتهم، وتوجيه سلوكياتهم، وأنه لا يعد ترفا بأهدافه التربوية والتعليمية التي ستساعدهم من خلال ممارساتهم لأنشطة متنوعة في إنضاج خبراتهم، وتزويدهم بمهارات تؤهلهم للتعامل مع محيطهم خارج المدرسة بيسر وسهولة، وسيتيح لهم فرصة الكشف عن قدراتهم وميولهم، وسيكسر رتابة اليوم الدراسي عندهم، ونحن نقف أمام قرار وزارة التعليم الذي صدر قبيل انتهاء العطلة الكبيرة، وكان يجب أن يدفع إلى المدارس قبل نهاية العام السابق، هذا من حيث توقيت صدور القرار، على الأقل حتى يكون هناك نوع من التحضير النفسي لدى الطلاب والمعلمين وقادة المدارس لاستقبال زيادة ساعة في اليوم الدراسي ستطيل من زمن خروجهم، وكذلك مدارسة التجهيزات المدرسية، ومدى توافر حاجتها لتنفيذ الأنشطة من مخصصات مالية، وجوائز تشجيعية ورواد نشاط، حتى لا يبدأ العام الدراسي الجديد، إلا وتكون الاستعدادات جاهزة.
السؤال الذي يجب طرحه، هل تعلم وزارة التعليم بأن نسبة كبيرة من مدارسنا لا تمتلك مقومات نجاح «النشاط المدرسي» لفقرها من القاعات المخصصة لممارسات الأنشطة، وانعدام وجود الأفنية اللازمة، فضلا عن عدم توافر حاجياتها من لوازم الأنشطة المادية من وسائل وأدوات وأجهزة، إضافة إلى اكتظاظ الفصول الدراسية بالطلاب، ولعدم وجود رواد نشاط مختصين في مدارسها، فضلا عن وجود مدارس لاتزال في مبان مستأجرة بعضها متهالكة، وهي تعد معوقات في سبيل أن يحقق النشاط أهدافه بعيدا عن «الممارسات الشكلية» الذي كان ينفذ بها داخل الفصول، وبرتابة وجمود ودون إمكانيات وتجهيزات وكأن الهدف «تعبئة سجلات الأنشطة» ليس أكثر، وسأعطيكم مثلا: كيف سيتم تفعيل (النشاط الثقافي) وتوجيه الطلاب نحو البحث والمطالعة والقراءة، وسط إهمال للمكتبة المدرسية واختفائها في إحدى زوايا المدرسة، مع عدم وجود مسرح قائم للمدرسة؟! أنا أخشى ما أخشاه أن تتحول هذه الحصة الزائدة في اليوم الدراسي إلى (عبء) سيزيد من ملل الطلاب والمعلمين من مدارسهم لتواضع بيئاتها بما جعلها غير جاذبة لن تساعد على تحقيق أهداف النشاط المدرسي الذي يحتاج إلى تنظيم وإشراف ومتابعة وتقويم للتجارب والأنشطة، ولا أخفيكم أن المؤمل عندي، كان في خفض عدد الحصص الدراسية، وزمنها بما يتماشى مع توجهات المدرسة الحديثة، لا أن ينحصر تفكير الوزارة في تطوير مدارسها بإضافة حصة دراسية، أو منهج دراسي، بقدر ما كانت حاجتنا إلى تطوير حقيقي «كحوسبة المناهج، وتحويل الفصول إلى قاعات تعلم حقيقية، وإيجاد مختبرات ومعامل وتجهيزات تقنية، مع تأهيل المعلمين بما يتفق ونظريات التعلم الحديثة، حتى النشاط المدرسي وتطويره بما يتلاءم وتأهيل طلابنا لأخلاقيات العمل، واحتياجات الوطن المستقبلية مع رؤية 2030.