إنه عنوان كتاب يبحث فيه مسألة المرأة عبر التاريخ، لقد أكرمني صاحبه بإرسال الكتاب لي من الإمارات وبكلفة (DHL) كي أطلع عليه وأبدي رأيي في محتوياته، ولقد استفدت من الرميحي والعسكري في مجلة العربي الكويتية عادتهم للقراء، في تعريفهم مع كل شهر بكتاب شهري، أنه على المثقف أن يقرأ كل شهر أكثر من كتاب، ومعه يكتشف القارئ كل شهر كاتبا جديدا وفكرة مستحدثة، ويتعرف على دماغ مفكر من وزن مهم بين أدمغة العالم.
قبل أيام مثلا وقع تحت يدي كتاب جديد لروبرت غرين الذي سحرني بكتابه الأول كيف تمسك بزمام القوة، قد أخرج كتابا جديدا بعنوان (الحرب) وخطورته أنه يقول إن حالة البشر هي حالة حرب وخصام منذ كان ويكون وسيكون.
واعترف أن الكاتب قد ولج أبوابا شتى في بداية الكتاب تتطلب صبرا من القارئ وضبابية يحار فيها ويضل، خاصة أنه يحيل بعض مصطلحاته إلى كتاب آخر عن الرموز والأرقام، وقصة الرموز الخفية معروفة في الفلسفة منذ أيام بيثاغوراس (المترجم للعربية باسم فيثاغورس) وبدأ من الرقم 18 الذي يرى فيه السر الإلهي، وهو ما يذكرني بكاتب آخر اعتمد الرقم 19 وذهب إلى اكتشاف أن كل سورة بحرف مثل صاد وقاف أكثر حروفها من عنوانها، وهكذا فسورة صاد فيها أكبر رقم من حروف الصاد من أي سورة أخرى، وقبل فترة جاءني أيضا كتاب من اللجنة الشرعية في دمشق للأستاذ حبش عن التحكيم في كتاب وصل كاتبه أيضا إلى معجزة رقمية في ترتيب صفحات القرآن العثماني وهو نوع من لعب الأرقام
وحقيقة صبرت على الكتاب ومشيت فيه، وكان صعبا، حتى وصلت بعد قطع مفازات إلى واحة فعلية في قصة نفرتيتي، وهذا الغموض لا أظنه في مصلحة الكاتب تأمل معي مثلا هذه الفقرة "اختلف تطور إنسان كروماني في آسيا قليلا عن ذاك الذي عاش في أوروبا، لأن الأنثى سارة الآسيوية ملكت خصائص حواء تلك التي تمثل اللون الأزرق! لا الأخضر الموجود في أنثى سارة الأوروبية، والذي سمح باتحاد الأخضر مع الأحمر لإعطاء اللون الأصفر الذي أدى إلى ظهور الإنسان الحشري ذي الروح النارية".
وأعترف أنني لم أهضم العديد مما جاء في هذا الكتاب عن هذه التقسيمات، فضلا عن كثير من الأفكار التي لا تتفق مع آخر مستجدات العلم أو القرآن أو التاريخ مثل خروج آدم من الجنة كان قبل 140 مليار سنة، ومعلوماتنا الكوسمولوجية التي تفيد أن كل وجود الكون حسب نظرية الانفجار العظيم لا تزيد عن 13,7 مليار سنة أو أن آدم قتل الغريم بسهم والقرآن يقول وكزه ولم يقل ضربه بسهم وأن خطيئة آدم جاءت من حواء والقرآن يقول إن هذا لم يحصل وكلاهما تابا إلى الله فقالا ربنا ظلمنا أنفسنا وهي فلسفة قرآنية مهمة، وقصة الخطيئة توراتية كنسية عن التفاحة والحية وحواء مما دفع بولس لعقيدة تعميد البيبي الرضع وألوهية البشر والناسوت واللاهوت والخرابيط بأن الله انشطر إلى ثلاثة بدون أن ينشطر! تعالى ربنا عما يقولون علوا كبيرا.
أو أن القرآن هو مشتق من (قرأ + آن) وآن هو اسم مريم وأن سرعة الضوء تختلف من مكان لآخر! وهو ما يخالف العلم الفيزيائي بثبات سرعة الضوء في كل مكان! وأن كلمة تركي هي تركيبة من (تور + كي) أي مفتاح الثور بما تحمل من ظلال سلبية في وسط الصراع السياسي الكردي ـ التركي، وقصة أوجلان المحبوس على ذمة التحقيق بعد أن تسبب في مقتل ثلاثين ألفا من الأنام!
أو أن ارتفاع منسوب المياه في المتوسط قبل 12 ألف سنة فصل أفريقيا عن أوروبا! وهو ما لم يحدث من الناحية الأركيولوجية، بل أدى إلى فتح بحر مرمرة أو أن النجوم المذنبة ظهرت فيها الحياة (DNA) للمرة الأولى! وهو لا يزيد عن خيالات! وأن شخصية نوح روحية غير واقعية ترمز إلى ولادة (DNA) أول مرة! وأن من اسم الفرعون خوفو جاءت كلمة الخوف في اللغة العربية! وأن يوسف قام من الأموات وأنشأ جمعية سرية! وأن مجموع ارتفاع الأهرامات الثلاث 355 مترا وهو العام الذي ولد فيه الأسكندر! ولا أدري لماذا قبل وليس بعد الميلاد!
حقيقة لم ينقذني من هذه الضبابات إلا حين دخلت قصة نفرتيتي وزواجها من أخناتون، وأن التوحيد الذي نادى به هذا الفرعون الثائر قد يكون من تأثره بعقيدة التوحيد التي كانت سائدة في آسيا.
بكلمة مختصرة تمنيت من الكاتب أن يكون اكتفى بتحويل الكتاب كما في صورة الغلاف إلى رواية لا يحاسب فيها على حقائق علمية وكوسمولوجية فالرواية تبقى فضفاضة تعتمد الخيال والرومانسية وما شابه. يشكر الكاتب على كل حال فكل جهد مزكى ولو كان خطأ بينا وضلالا محضا!