ترك ميشال عون صليبه ملقيا على طاولة قديمة في مدينة باريس وعاد إلى لبنان ليعلن سرا أمام أمين عام حزب الشيطان حسن نصرالله وقائده الأعلى خامنئي عن تشييعه وولائه للجمهورية الإسلامية في إيران.
ببساطة باع الجنرال كل ماضيه مقابل وعود بإيصاله إلى سدة الرئاسة وتوزير صهره ودعم حزبه ماليا ليفتتح قناة تلفزيونية وإذاعة وموقعا إلكترونيا ويشغّل فريقا من المنتمين إلى تياره مهمتهم، ليلا ونهارا، شد العصب المسيحي اللبناني وتقريبه من حزب الله، جاعلا من الطائفة الشيعية حليفا له ومن الطائفة السنية عدوا، فتطاول عليها واتهمها بالإرهاب، وأهان قياداتها وحرض عليهم، وكان على علم بمعظم العمليات الإرهابية التي استهدفتهم ولم تحزنه أي منها، فمصلحة الجنرال أولا، وتحالفه مع حزب الشيطان حسن يأتي بالدرجة الأولى أكثر أهمية من أرواح اللبنانيين.
يتحدث أحد المقربين من حزب الشيطان حسن ويقول، إن كل فريق سياسي يدور في فلك إيران يحصل على معونات مالية شهرية، وتسمى «ميزانية»، ومن بين الأحزاب طبعا التيار الوطني الحر، حتى إن بعض المعلومات تحدثت عن حصول قيادات في التيار على مساعدات من نظام الأسد عبارة عن أراض تصلح للزراعة والبناء، وتسهيلات في بدء المشاريع قبل الأزمة وبعدها.
لقد استطاعت إيران عبر شيطانها حسن وحزبه الإرهابي شراء الولاءات في المنطقة، فتجد أن بعض حلفاء الحزب من المسيحيين وحتى المسلمين مؤمنون بقضية إيران وتاريخها، والحسين وما أصابه أكثر من الشيعة أنفسهم، ولم يعد غريبا رؤية بعض المسيحيين يشاركون في عاشوراء أو زيارة الحسينيات، وحتى إلقاء بعض الأناشيد عن الحسين ووشم اسمه أو صور له على جسدهم، وكل هذا ضمن سياسات الحزب في شق الصف العربي الإسلامي المسيحي لصالح إيران ونظامها الإرهابي المتسلق على قضايا العرب والمسلمين، لتحقيق مآربه ومخططاته في السيطرة على المنطقة وإعادة أمجاد إمبراطورية قضى عليها التاريخ وأنهى قوتها.
لقد حوّل ميشال عون المسيحيين إلى ما يشبه «حصان طروادة»، فاستخدمهم لتحقيق الكثير من الإنجازات، وفرض السيطرة على لبنان، وحتى تشغيل وإدارة الأعمال له في الخليج العربي وأوروبا وأميركا، فكانوا غطاء له يتهرب بهم من العقوبات والحصار الاقتصادي والملاحقة القانونية. منذ تشكيل حزب الشيطان حسن كانت خطاباته واضحة بأنه يسعى لجعل لبنان جزءا من ولاية الفقيه، ولم يخف مخططاته عن أحد، وتحدث بها صراحة في مقابلات تلفزيونية وصحفية في الثمانينات، واستمر عمل الحزب بخطوات متسارعة، فبعد أن انتهى من الصراع الوهمي مع الإسرائيليين انتقل إلى مرحلة جديدة عمل فيها على السيطرة على لبنان ومقدراته وسياساته، وحتى قرارات السلم والحرب والمشاركة في معارك هنا وهناك، والعفو عن عملاء إسرائيل خدمة لحليفه عون، ومنع المحاكمة الحقيقية عن حليف الأسد الذي أدخل إلى لبنان عبوات ناسفة لقتل عشرات الآلاف من اللبنانيين، بينما لم يتوقف الحزب عن ملاحقة اللبنانيين المعارضين لسياساته ومشروع إيران، فورط البعض بالإرهاب والبعض الآخر بالحرب السورية، وحاصر البعض في لبنان، وهدد وقتل وشرد العشرات، حتى أصبح دخول وخروج عقاب صقر إلى لبنان يحتاج إلى موافقة خطية من حسن نصرالله ووفيق صفا.
لقد حوّل حسن نصرالله الإرهابي لبنان إلى رهينة بيد ميليشيا حزب الشيطان، وأشعل الخلاف بينه وبين أشقائه العرب، ففقدوا ثقتهم به وابتعدوا عنه ولم يعد يزور لبنان من ملايين العرب إلا أقلية، معظمها تدور في فلك إيران وحزب الشيطان حسن من العراقيين واليمنيين وبعض الخليجيين المقربين من إيران، لإظهار الدعم لا للدولة اللبنانية، بل لمشروع إيران في السيطرة عليه، وزيادة فرص فرض نظامها وسياساتها على كافة الرئاسات فيه بعد السيطرة على رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي.
ومن لا يعرف عن ولاية الفقيه ليس عليه إلا العودة إلى خطابات حسن نصر الله ليسمع بالصوت والصورة ما يقوله، ومن أبرز ما تحدث به هو أن الولي الفقيه هو الحاكم الفعلي لكل البلاد الإسلامية، وهي البلاد التي يوجد بها مسلمون أينما كانوا، وأضاف «أن الولي الفقيه له صلاحية في تعيين الحكام وإعطائهم الشرعية في جميع البلاد الإسلامية، فنعم، لأن ولايته ليست محدودة بحدود جغرافية، فولايته ممتدة بامتداد المسلمين». وأضاف نصرالله أن مشروعهم الذي لا خيار لهم أن يتبنوا غيره، كونهم مؤمنين عقائديين، هو مشروع دولة إسلامية وحكم الإسلام، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة، وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق، الولي الفقيه الإمام الخميني. وهنا تجد كيف أن مسيحيي ميشال عون تخلوا عن كل مبادئ لبنان وتاريخه من أجل السلطة وتحقيق بعض المكاسب المادية، متجاهلين مخطط حزب الشيطان حسن ومؤامرات إيران، وتناسوا يوم أحدث حسن بنفسه متوعدا بترحيل المسيحيين إلى أوروبا بالزوارق التي جاؤوا بها، وهذا وكل ما سبق يظهر مخطط إيران وحزبها الشيطاني إلى طرد كل من لا يتماهى مع سياساتهم الخبيثة على الأرض السورية أو لبنان والعراق واليمن! إن المطلوب اليوم من الدول العربية إعلان صريح باعتبار ولاية الفقيه مشروعا إرهابيا لا يقل خطره عن خطر التنظيمات الإرهابية الجهادية، وأن من يؤمن بهذه الولاية فهو خارج عن الدين الإسلامي، وخطره كخطر الإخوان المسلمين والجهاديين الإرهابيين، واعتبار التنظيمات والحركات والتيارات المسيحية والإسلامية الدرزية والسنية أو الشيعية التي ترتبط بتحالفات مع إيران وأحزابها وميليشياتها في المنطقة إرهابيين تتم ملاحقتهم وتجميد أرصدتهم وحساباتهم المصرفية، ومنعهم من دخول دول الخليج العربي أو العمل أو الاستثمار فيها، وتنظيف وسائل الإعلام التي تحتويهم وتؤمن لهم فرص العمل، كشركات الإنتاج اللبنانية العاملة تحت رعاية من حزب الشيطان حسن، وغيرها من المؤسسات والأشخاص. متى سيستيقظ من باع دينه ووطنه من أجل حفنة من المال كي يتحول إلى بيدق يحركه ولي إيران السفيه على طاولة الشطرنج، وعندما ينتهي منه يحرقه ويرميه خارجها، محولا هؤلاء إلى مرتزقة متلونين بالبرتقالي يوما والأصفر أياما، والخوف كل الخوف من تحويل باقي أطياف الشعب اللبناني إلى مخدرين غير قادرين على مواجهة هذا السرطان الخبيث الذي يتم زرعه في مجتمعاتنا.
أصبحنا اليوم بحاجة إلى قرار حازم بالتخلص من حزب الشيطان حسن وسلاحه، وبناء وطن خال من الأمراض والتلوث والإرهاب والتبعية لولاية خبيثة يقودها دجال ويمشي في مسيرتها كافة المتخلفين عقليا والمغيبين عن الحقيقة.