تتعرض المملكة العربية السعودية هذه الأيام لحملات تشويه حاقدة، تحاول النيل من وحدة الوطن وتماسكه رغم اليقين بأن كل هذه المحاولات لن تستطيع النيل من المكتسبات واللحمة والنسيج المجتمعي الواعي. في جازان تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع نوعا راقيا من حب الوطن والدفاع عن مقدراته والدعوة الصادقة للالتفاف حول حكام وعلماء ومفكري المملكة، للوقوف بنيانا وصفا واحدا في وجه الشائعات المغرضة وحملات التشويه.
تعتبر الشائعات من أخطر الأسلحة التي تهدد المجتمعات في قيمها ورموزها، إذ يتعدى خطرها الحروب المسلحة، بل إن بعض الجهات تستخدمها كسلاح فتاك له مفعول كبير في الحروب المعنوية أو النفسية. وقد يكون أصحاب العقول الساذجة ضحية لهذه الشائعات. ومن نوادر الشائعات عندما ترشح أستاذ الجامعة أمام منافس أُمّي وجاءت نتيجة الانتخابات باكتساح الرجل الأمّي للنتائج والفوز بالأغلبية. وعند مراجعة أسباب ما حدث وجدوا أن ذلك الأُمي ّ قال للأتباع إن الأستاذ الجامعي رجل ديمقراطي، فقالوا له وما معنى ديمقراطي، فقال إنه الذي يبيح للمرأة تعدد أزواجها ويحارب الدين، فخرجوا من عنده إلى مكتب الأستاذ الجامعي وسألوه هل أنت رجل ديمقراطي؟ فقال: نعم، فقالوا: «لا حول ولا قوة إلا بالله» وغادروا المكتب ليختاروا الرجل الآخر.
إن انتشار الشائعات وتقبلها وتداولها يهدد العقل والفكر لكل مجتمع. ومما لاشك فيه أن سطحية العقل تجعله منغلقا على نفسه، رافضا لروح التدبر ومعرفة الصواب والخطأ. والشيء الجميل أن معظم مناطق المملكة كانت ولا زالت رجل الأمن الأول والسد المنيع في ظل كل المتغيرات وكان الوطن خطها الأحمر. كانت ولا زالت مثالا للمواطنة الحقيقية التي ترى الوطن ووحدته هما الهم الأكبر.
إن الوطن يعيش منعطفا تاريخيا هاما في تاريخه السياسي يحتم الالتفاف وتوحيد الصف وسد منافذ الخلل، وإيقاف كل المحاولات للنيل منه. إن جمال الوطن في تعدد ثقافاته ونقاء خلافاته، وقد رأينا أن الإرهاب لم يكن حصرا على طائفة دون غيرها، كذلك فإن المواطنة الحقيقية أصبحت هي اللغة المشتركة بين فئات المجتمع وأطيافه. في جازان وغيرها من مناطق المملكة، أجمل لحظات العمر عندما نقف جميعا صفا واحدا مرددين (موطني عشت فخر المسلمين).