قبل سنوات عقدت العزم على زيارة "الكرنتينة".. الحي الجداوي الشهير.. كنت سمعت الكثير عن هذا الحي وقرأت عنه.. دفعني الفضول الصحفي لزيارته.. استعنت بأحد الأصدقاء وارتدينا ملابس رياضية ـ لزوم التمويه! ـ ودخلنا الحي.. وليتنا ما دخلناه!

بعد دخولنا الحي بنصف ساعة شعرت بثلاثة أمور.. الأمر الأول شعرت بالغثيان للحالة المزرية للحي!

الأمر الثاني ـ وكان أكثر أهمية من الأمر الأول ـ أنني شعرت بالغربة!

الأمر الثالث والأهم أنني شعرت فعلا بالخوف!

أردنا مغادرة الحي فاستلزم منا الأمر ساعة كاملة..

قبل أيام قرأت تحقيقا صحفيا قام به اثنان من الزملاء في عكاظ ـ وهذا يؤكد أنني تصرفت بشكل سليم حينما استعنت بصديق في الزمانات!ـ التحقيق الصحفي الذي أجريته ذهب أدراج الرياح ولم ير النور.. بينما التحقيق الذي قام به الزميلان ما يزال يؤكد أن الحي يعيش عزلة تامة زمانا ومكاناً.. من الخطورة التامة زيارة الحي ليلاً.. فالتنظيم عشوائي لا تعرف من أين دخلت ولا من أين ستخرج.. السكان من مخالفي نظام الإقامة والعمل.. يصف الزميل "إبراهيم علوي" الحي في تحقيق مماثل بأنه: "يعاني من العشوائية وسوء التنظيم تحولت شوارعه إلى بسطات يديرها متخلفون من الحج والعمرة ومخالفون لأنظمة الإقامة والعمل ويعرضون فيها للبيع كل شيء بما في ذلك سلعا فاسدة منتهية الصلاحية. ويعتبر حي الكرنتينة بؤرة للإجرام والشعوذة والدجل بحكم الطبيعة الديموغرافية لسكانه الذين غالبيتهم من المتخلفين والمخالفين الأفارقة وينتشر بينهم الجهل"!

الخلاصة: الحملات الأمنية التي تدهم الحي بين حين وآخر تشكل علاجا فاعلا لكنها إطلاقا لا تفي بالغرض.. ينبغي أن يتم تجفيف هذه البؤرة.. على الأقل يتم نقل هؤلاء إلى مساكن شعبية منظمة وتحت السيطرة التامة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.