ليس سهلا أن يكون الإنسان متميزا تميزا إيجابيا عن بقية من حوله، خاصة وأن مفهوم التميز يختلف من إنسان لآخر؛ فهناك من ضاق مفهوم التميز عنده، حتى حصره في نوعية ما يأكله الإنسان، أو ما يركبه، أو ما يلبسه،
أو رقم هاتفه، أو رقم لوحة سيارته، مع أن المتميز الحقيقي، وإن كان متصفا بكل أو بعض ما سبق، هو ذلك الذي من الصعب إيجاد شخص يشبهه في صفاته التي جعلته مفضّلا ومحبوبا عند الآخرين، ومرغوبا عندهم في حلهم وترحالهم؛ نظراً لما يمثّله لهم من رمزية، وقدوة، وقدرة على القيام بمهام عديدة، لا يقوى عليها من هو مثلهم..
التميز الحقيقي للإنسان لا يكون عادة في مجالٍ واحد فقط؛ بل يكون في العديد من المجالات المتعددة والمتنوعة التي لا تعد ولا تحصى؛ ومنها أن يهب الله تعالى العبد القدرة على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، بحيث يتمكن القادر على ذلك من المحافظة على جوهر الأشياء، وأصولها، وثوابتها، ومبادئها، مع تكافؤ تام مع العصر، والواقع، وليس ذلك فقط، بل مع التجديد والابتكار..
المتميزون بالصورة التي ذكرتها، شيء نادر، والتعرف عليهم ليس بالأمر اليسير، ولأمور لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى؛ لا تطول حياتهم الدنيوية، ويرحلون مخلفين خلفهم كثيرا من المحاسن التي لا يمكن أن تتم الإحاطة بها في مقال بصحيفة، وهنا أقصد تحديدا فضيلة الشيخ شهاب الدين بن علي المشهور، الذي فارق مكة المكرمة، فجر الأحد الماضي، بعد أن عاش فترة طويلة من حياته مجاورا للحرمين الشريفين، بعد الارتحال إليهما من مدينة عدن، الواقعة على ساحل خليج عدن وبحر العرب..
لست هنا بصدد سرد ترجمة عن الفقيد الراحل، ولا تفاصيل ذكرياتي معه، إلا أنني لا أستطيع إغفال أنه، يرحمه الله، كان محبا بصدق للمملكة بأسرها، وللحرمين الشريفين وأهلهما، والمترددين عليهما بالخصوص، موصيا المتصلين به، والباحثين عن الطمأنينة؛ بتزكية النفس، وتصفية الأخلاق، وتعمير الظاهر والباطن..
ختاما.. الطريق إلى التميز ليس صعبا، ولكنه يحتاج إلى مقومات خاصة، ومنها التنشئة الصالحة، والعزيمة القوية، والصبر الحثيث، وقبل ذلك وبعده تولي الله تعالى لعبده بعنايته وتوفيقه ونصرته وتأييده.. اللهم اغفر للشيخ الشهاب، وارفع درجته، واخلفه في عقبه.