شهدت الجمعية العامة في السنوات الماضية الكثير من عدم القدرة على الإيفاء بالتزاماتها ووظيفتها المنصوص عنها في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، مما يجعل الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ72 الحالية بنفس الظروف المشابهة قبل الحرب العالمية الثانية ونهاية عصبة الأمم التي تشكلت بعد الحرب العالمية الأولى في مؤتمر فرساي 1919، وكان مقرها جنيف ولم تكن الولايات المتحدة الأميركية عضوا فيها، وكان فشل عصبة الأمم من أسباب الحرب العالمية الثانية.
انتهت الحرب العالمية الثانية التي بدأت في 1939 بحدثين كبيرين، الأول تمثل بنزول القوات الأميركية على شواطئ النورمندي الفرنسية في 6 يونيو 1944 في توقيت دقيق كانت فيه كل القوات الألمانية مستنزفة ومنهكة بالقتل والدمار والتوسع والاحتلال، حيث كانت أعداد القتلى قد بلغت عشرات الملايين خلال سنوات الحرب، وكانت باريس محتلة من الألمان، في حين كانت الولايات المتحدة في بداية دخولها إلى ذلك النزاع العالمي الكبير. والحدث الثاني الذي أنهى الحرب العالمية الثانية بما لا يقبل الشك هو ضرب هيروشيما وناجازاكي في اليابان بالسلاح النووي في 6 و9 أغسطس 1945، وتلك كانت المرة الأولى والأخيرة الذي استخدم فيها ذلك السلاح. وهكذا انتهت الحرب العالمية الثانية.
تنعقد الجمعية العامة هذا العام على إيقاع التهديدات النووية الكورية والمواجهة العالمية للإرهاب، بالإضافة مع نهاية الأحادية الأميركية التي جاءت بعد انتهاء ثنائية الحرب الباردة، إذ يدخل العالم اليوم تجربة عالمية جديدة متعددة الأقطاب على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية، مما يجعل من الأمم المتحدة بصيغتها الحالية غير قادرة على القيام بمهامها إن لجهة الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو الهيئات المنبثقة والمنظمات المتخصصة، لأسباب تتعلق بالبنية الأساسية لمجلس الأمن والتي لا يزال تحت سيطرة الدول التي تتمتع بحق النقض، وبالإضافة إلى ذلك عدم وجود تجمعات دولية وإقليمية تعمل على بناء الأمن والسلم العالميين، وهما جوهر ميثاق الأمم المتحدة.
تعتبر منطقة الشرق الأوسط هي المرآة الحقيقية التي تعكس فشل مجلس الأمن والجمعية العامة في تحقيق الأمن والسلم للشعوب، ويبدو ذلك واضحا من خلال عدم القدرة على تنفيذ القرارات الدولية فيما يخص أطول وأقدم نزاع في العصر الحديث أي القضية الفلسطينية منذ القرار 181 في عام 47، مرورا بالقرار 194 لعام 48، وصولا إلى القرار 242 عام 67، إلى القرار 338 لعام 73.
بعد هيروشيما وناجازاكي، لم يكن أمام العالم سوى بناء نظام عالمي جديد، والآن لا يستطيع العالم بناء نظام عالمي جديد إلا على أساس تصحيح الخلل التاريخي للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن في الشرق الأوسط بالذات، وبناء السلم والاستقرار لقلب العالم قديما وحديثا وعلى أساس قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال تنفيذا لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة. بعد أن صوتت الجمعية العامة على قبول فلسطين عضوا مراقبا في الجمعية العامة في 2012 بتصويت 138 دولة ومعارضة 9 دولة وامتناع 41 دولة عن التصويت. ثم في 2015، في الذكرى السبعين للأمم المتحدة، رفع العلم الفلسطيني إلى جانب أعلام 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة.
تنعقد الدورة الحالية الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع التهديدات بحرب نووية مع كوريا بالإضافة إلى الحرب العالمية على الإرهاب والتحالفات الدولية العسكرية والسياسية والمالية في هذا المجال، بالإضافة إلى ويلات النزاعات الأهلية المسلحة في أكثر من مكان تهدد الأمن والسلم الدوليين، مما يستدعي قيام نظام عالمي جديد يبدأ من دولة فلسطين.