جاءني هذا السؤال من معلمة اعتراضا على مقالي بالأمس ووجدت ذاكرتي تعود للثانوية الأولى، حيث كنت معلمة ولفصل ثالث ثانوي ولطالبة صغيرة الحجم من طالبات الصف الأول الثانوي دفعت الباب ودخلت أثناء انشغالي بالشرح فالتفت متعجبة من تصرفها، وأنا أقول وعليكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لعلها تنتبه لسلوكها فألقت نصف نظرة نحوي، واتجهت نحو الطالبات تبلغهن شيئا لكنهن بقين مندهشات من تصرفها، فاقتربت منها أسألها
عن ماذا تريد فدفعتني بقوة فاجأتني حتى كدت أنزلق.
علمت في ما بعد أن لديها مشاكل عديدة وصلت لإدارة التعليم التي حين فتحت التحقيق معها استدعتني كإحدى ضحاياها، ووجدتني أتحدث بحضورها عن الواقعة وجدت المشرفة الإدارية تشكر لي عدم تصعيد الموقف وتركها تخرج وإكمال حصتي ثم تبليغ الإدارة.
في الواقع وقتها كنت شابة صغيرة لا أعرف أن سن 16 سنة لديهم فزات نمو ومسألة دفع شخص قد تكون
حركات غير إرادية، وأن المراهق يعاني كثيرا خاصة إذا واجه مشاكل أسرية.
مرت سنوات والتقيتها بالجامعة وعرفتني، ولم أعرفها ظننتها إحدى تلميذاتي وهي تندفع نحوي محتضنة وتبقي يدي في يدها بطريقة بدت لي اعتذارا فأبديت سعادتي بأنها طالبة جامعية وكما يبدو مميزة وهادئة وراقية في حديثها.
عرفت من هذه التجربة شيئا واحدا فقط، أي موقف لك مع طلابك تذكر أنك الكبير والأكثر علما والأكثر حكمة، وأنه الصغير الطفل أو المراهق، لذا عليك أن تكون قائد الموقف لا هو، وأن تقوده نحو الهدوء لا الانفعال والصراخ.
هذه الطريقة الوحيدة في هذا الموقف الذي يثبت لك وللجميع أنك معلم مربي.