في شهر يونيو الماضي كانت الصين أكثر دولة تستورد منها السعودية بمبلغ 5544 مليون ريال سعودي، بينما حلت في المركز الثاني الولايات المتحدة الأميركية بمبلغ 4809 ملايين ريال سعودي، وقد يتوقع البعض أن المرتبة الثالثة للواردات السعودية تكون من صالح اليابان التي نستورد منها السيارات اليابانية الأكثر استخدما في السوق السعودي، أو فرنسا أو ألمانيا، ولكن لو نظرنا بلغة الأرقام بقيمة الواردات من الخارج فإن الإمارات العربية المتحدة هي ثالث أكبر دولة تورد للسعودية، وهذا التفوق للواردات السعودية من الإمارات ليس في الشهور الأخيرة فقط بل مستمر لوقت طويل، وفي الحقيقة هذا شيء يسعدني أن تكون دولة الإمارات الشقيقة هي ثالث
دولة نستورد منها احتياجاتنا، فهي دولة لشعبها مكانة خاصة في قلوب السعوديين، وعلاقتنا التاريخية ممتدة بامتداد تاريخ الجزيرة العربية وتربطنا بهم علاقات وطيدة ووثيقة، من الجميل أن نراها تنعكس على واقع العلاقات الاقتصادية بيننا، ولكن لو تفحصنا حقيقة الواردات السعودية من الإمارات العربية المتحدة وبحثنا عن السر في
تقدم ترتيب واردات الإمارات إلى السعودية على اليابان وألمانيا وفرنسا والهند، فإن الإجابة باختصار هو تعمد بعض المستوردين السعوديين من الصين أن تدخل مستورداتهم عن طريق الإمارات، وبالخصوص عبر ميناء جبل علي في دبي أحد موانئ دبي العالمية، وذلك لانخفاض المعايير الجمركية في هذا الميناء بالمقارنة مع معايير الجمارك السعودية الصارمة في ميناء جدة الإسلامي أو كل المنافذ الجمركية السعودية، ولذلك نجد بعض المستوردين يتهربون ويتحايلون على الجمارك السعودية بجمركة بضائعهم عبر ميناء جبل علي في دبي، ومن ثم شحنها برا عبر منفذ البطحاء الذي يربط الإمارات بالسعودية، والذي تدخل كافة البضائع عبر هذا الحد تحت قانون الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي الذي وجد لتحقيق المزيد من التعاون بين دول الخليج العربي، ولكن للأسف استغله البعض لتمرير بضائع تجارية غير مطابقة للمواصفات والمقاييس عبر الإمارات.
الواردات السعودية من الإمارات في حقيقتها مجرد واردات صينية الأصل، وميناء دبي ما هو إلا بديل أقل صرامة من الموانئ السعودية، ولذلك نجد أن أرقام الواردات من الإمارات تحتاج إلى إعادة نظر، وذلك لا يعني أن الإمارات ليست من ضمن الدول التي تورد للسعودية، بل على العكس نحن نستورد منها أكثر من ثلث احتياج السعودية من الذهب، ونستورد منها العديد من المنتجات الهامة، ولكن هذا لا يجعلها ثالث أكبر مورد للسعودية،
لأن معظم وارداتها -كما ذكرت سابقا- تأتي من الصين عبر موانئها تهربا من صرامة الجمارك السعودية.
وأعتقد أن هذا المقال قد يجيب عن تساؤل البعض لماذا الأسواق السعودية ما زالت توجد بها البضائع المقلدة والصناعات غير المطابقة للمواصفات والمقاييس بشكل كبير، على الرغم من كل الإجراءات التي قامت بها الجهات الحكومية المختلفة للحد من هذه الظاهرة؟
في أحد المقاهي في مدنية صينية تبادلت الحديث مع تاجر عربي متخصص في استيراد الملابس الرياضية من الصين للسعودية، يخبرني أن الملابس الرياضية الأكثر ربحا بالنسبة له هي الملابس الرياضية المقلدة للأندية السعودية مثل الهلال والنصر والأهلي والاتحاد، يقول مهما كانت كمية البضاعة التي أرسلها من هذه الملابس إلى السعودية فإنه خلال أسبوع واحد تكون قد تم بيعها بالكامل من خلال مركز سوق الجملة في جدة، وعندما سألته؛ كيف تستطيع إدخال هذه البضاعة المقلدة للسوق السعودي، أجابني بابتسامة لا يوجد أحد من المستوردين من الصين لا يعرف الطريقة السهلة لذلك، وبالفعل لا يوجد أحد لا يعرف ذلك حتى موظفي جمارك البطحاء يعرفون تلك الثغرة في قانون الاتحاد الجمركي لمجلس التعاون الخليجي الذي آمل من المسؤولين عمل ما يلزم لسدها وإقفال الطريق أمام المتحايلين والمتلاعبين.