قال وزير الثقافة والإعلام عواد العواد: (المملكة تخوض حربا إعلامية شرسة لا مكان فيها للحياد، مطالبا الجميع بالتصدي لكل الرسائل المغرضة التي يوجهها أعداء الوطن وواعدا باستراتيجيات جديدة لمواجهة الخطاب المعادي بالاعتماد على أساليب حديثة وتفاعلية وغير تقليدية في توضيح الصورة الحقيقية للقارئ والمشاهد في مختلف أنحاء العالم). جاء ذلك خلال ظهوره لأول مرة في لقاء مفتوح مع الجمهور من خلال فعالية حكايا المرابطين التي أقيمت مساء الخميس 17 أغسطس 2017 ضمن مهرجان (حكايا مسك2) الذي نظمته مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك) في مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات.
وسأدع التعليق على الاستراتيجيات التي وعد بها الوزير إلى مقال لاحق مستقبلا، وسأكتفي بالتعليق على نقطة الحياد، فأنا أعرف أن مصطلح الحياد في الإعلام بالذات لا معنى ولا دلالة له مطلقا، حيث لا يوجد هذا الحياد في أي وسيلة إعلامية في الأرض مطلقا، فكل وسيلة منحازة بالضرورة إلى موقفها أو منهجها أو وطنها، بل أزعم أن كل إنسان منحاز بصورة أو بأخرى!!.
بعد مقاطعة تنظيم الحمدين، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ظهر لنا سعوديون بعضهم كتاب معروفون، وبعضهم منظرون في الشاشات وتويتر، واتخذوا مواقف يزعمون أنها عقلانية، وأهم من عقلانيتها المزعومة أن أصحابها مستقلون، وهؤلاء هم من قصدهم وزير الإعلام كما فهمت!!.
والآن ضعوا تحت (مستقلين!!) مليون خط، فهؤلاء (المستقلون!) معروفون بأنهم من ذوي الهوى الإخواني أو السروري، وقد تبين في هذه الأزمة أنهم تميزوا بأهم من حكاية ميولهم أو هواهم، تبين أن معظمهم نفعيون متقلبون، فأينما يكون الدولار والريال فثم وجوههم!!
هؤلاء النفعيون (المستقلون مراوغة وكذبا!!) أرادوا الإيحاء بأن هبة المواطنين السعوديين ضد تنظيم الحمدين ووسائل إعلامه المتجنية، موجهة، وأرادوا الإيحاء بأن كل هؤلاء موجهون، وكأن الديوان الملكي أو وزارة الإعلام تفرغوا للاتصال بملايين المواطنين، وأملوا عليهم ما يقول كل منهم على حدة!!.
ولم يتوقف (المستقلون المزعومون!!) عند هذا، بل أطلقوا مصطلحا جديدا سموه (الوطنيين الجدد!!)، ويقصدون بهذا المصطلح -حسب زعمهم!- كل مواطن كتب أو تحدث ضد تنظيم الحمدين، ووجه اللوم لكل سعودي لم يتخذ موقفا واضحا مع وطنه، حيث إن القضية قضية وجود، وليست مجرد اختلاف وجهات نظر!!.
ولأن إطلاق المصطلحات سهل، فإني أتبرع بمصطلح (المستقلين الجدد!!) لإخواننا السعوديين الذين زعموا أن كل من وقف ضد تنظيم الحمدين أو هاجمه بأنه غير مستقل التفكير، وإنما يجري توجيهه بالريموت!!
إخواننا (المستقلون الجدد!!) يكتبون ويغردون ويتحدثون معبرين عن استقلاليتهم الكاذبة!!، من عواصم العالم وأهمها واشنطن وأنقرة ولندن وباريس وغيرها، وحتى من داخل المملكة، لكنّ مستقلي الداخل يختلفون عن مستقلي الخارج في درجة الوضوح والجرأة التي يتمتع بها مستقلو الخارج، والسبب مكان التعبير ومنبره، وأهم من الموقع أن مستقلي الخارج نفعيون بوضوح صارخ، فهم يمجدون تنظيمي (الإخوان، والسرورية)! ويلمحون إلى تفوق (تنظيم الولي الفقيه)، ولا يمسون (تنظيم الحمدين!) مطلقا، لا بثناء ولا نقد، فهل يظن هؤلاء المستقلون الجدد!! في الخارج أننا غفل، ولا نعرف أن ريال تنظيم الحمدين هو الذي يوجههم إلى الثناء على التنظيمات التي كانت وما زالت تخدم توجهاته وخططه!! والتغطية على فعلهم القمئ هذا باستبعاد تنظيم الحمدين من اهتماماتهم، وكلامهم وكأنه غير موجود!!.
لقد ذهب بعض هؤلاء (المستقلين الجدد!!) إلى الدعوة العلنية إلى احتضان تنظيم الإخوان والتنظيم السروري واحتوائهم، لأن نبذهم وتصنيفهم سيفضي إلى تقسيم المجتمعات، وكأن هذه التنظيمات لم تقسم المجتمعات من زمان، بل وكأننا لا نعرف أن منهج وهدف هذه التنظيمات الإرهابية يقوم على تقسيم المجتمع، والسعي إلى غسل أدمغة أكبر شريحة ممكنة لكسب ولائها وتجهيزها لأي فعل يرغب التنظيم توجيه أتباعه إلى اقترافه، والأحداث شاهدة على ما فعلوا ويفعلون من جرائم منذ عقود وحتى اليوم والغد!!.
وأخيرا أريد أن أقول لهؤلاء (المستقلين الجدد!!) إنني أعرفهم جيدا، وغالبيتهم أعرف نفعيته السافرة التي يفضحها بالتقلب بين التوجهات والمواقف، وفي كل (قلبة!!) تجده قد وجد ريالا أو دولارا يقوده نحو استقلالية جديدة تناقض استقلاليته السابقة!!.
(المستقلون الجدد!!) ستعرفونهم فور نشر هذا المقال، فذكروهم فقط أن (تنظيم الحمدين!) متجه إلى السقوط، ومن الغباء أن تبقوا في سفينته الغارقة!! واطمئنوا فبحارة وربان سفينة (المملكة العربية السعودية) دائما وأبدا يوصلونها إلى بر الأمان مهما اشتدت عليها العواصف والتيارات الهائجة، فهي جبل من القوة والصلابة، جبل راس بوعي ويقظة وحزم، ومخضر بالحلم والتسامح والسمو، وصارم بوعي ومعرفة وأدلة، حين لا يرعوي من تم تنبيهه وتحذيره والصبر على جرائمه عقودا!! وما حدث لتنظيم الحمدين والتنظيمات التي تتجسس له وتخدمه أوضح دليل، أتمنى من المستقلين الجدد التأمل فيه، والعودة إلى حضن وطنهم الذي لن يجدوا فيه غير الحب والتسامح والقبول، لكن قبل فوات الأوان!!.