كل مواطن يعمل بإخلاص في أي قطاع كان يستحق التكريم والإشادة، حتى أولئك الكادحين في قطاعات غير حكومية يسهمون بقدر كبير في خدمة مجتمعهم ويبذلون جهدا مضاعفا عن غيرهم من العاملين في قطاعات حكومية وبمزايا أقل أيضا، غير أنهم صامتون لا يتشكون ولا يتذمرون، عكس آخرين لا ينفكون عن التشكي والتذمر من سوء الحال، ولسنا في مجال مقارنة أو تفضيل لكن ليس جهد العمل وأفضليته تنصب على قطاع عن آخر، فلكل مجال أهميته، ما هو لافت ومثير تلك الضجة الكبيرة التي تثار من فترة إلى أخرى عن أهمية دور العاملين في قطاع التعليم وكأنهم وحدهم من وقع على كاهلهم عبء بناء المجتمع وتطويره وحمايته، وإن كنا لا ننكر جهدهم إلا أنهم جزء يسير في منظومة العمل، وهم أيضا أكثر شريحة فيها تتمتع بحقوق ومزايا وحوافز وأكثرها تشكيا كذلك.

ولو قارنا الأدوار فرجل الأمن المرابط على الحدود باذل جهده ونفسه لحماية وطنه، هل يتساوى مع من يمضي بضع ساعات من يومه لا تتعدى الأربع متصلة في مكان آمن ومريح ثم يغادر إلى بيته محفوفا بالشكر والثناء! وغيره الطبيب والممرض والمسعف أيضا، غير الأخصائي النفسي والاجتماعي ومن يعملون ليل نهار في الدور الإيوائية خدمة لفئة تعاني مرضا أو إعاقة، هؤلاء لا يتحملون مهمة الرعاية، بل التدريب والمراقبة، وقد يستمر عملهم في هذه الدور والمراكز ليس النهار بطوله فقط، بل ولمدة أربع وعشرين ساعة وحتى في أيام الأعياد والعطل الرسمية، وكل هذا الجهد يبذل دون تذمر، والمجحف أن تلك الجهود لا ينظر لها ولا يضع أصحابها في خانة من يعلم ويدرب بالتساوي مع زميله الذي يدرس فقط الأصحاء!

وهنا الفرق بين عطاء الطرفين، البعض قد يعتبر هذا القول في سياق التحامل على المعلمين والمعلمات، لكن هذا غير صحيح، كل ما في الأمر هو توضيح إلى أن هناك من يعمل ليل نهار وفي ظروف بيئية ومناخية سيئة مع ذلك متقبل وضعه قائم بمهامه على أكمل وجه، وحتى في حالات النقد لا يجد منصفا أو مدافعا، طبعا في كل مجال

وظيفي كسالى وغير أمناء أو ملتزمين، لكن هناك روادع وقوانين تطبق في حقهم، وهذه الإجراءات في مجالات دون أخرى، لذلك فالموظف في مجال التعليم لا يعنيه كثيرا إن كان أداؤه الوظيفي آخر العام متدنيا فهذا لن يؤثر على ترقيته، كذلك لا يهتم بتطوير ذاته بحضور برامج أو ورش تدريبية، فهذه كذلك لن تدخل في التقييم، غير ذلك كله فالعوائد المادية من رواتب بأكمله. وبدلات تفوق غيرهم من الموظفين، باختصارهم يأخذون أضعاف ما يقدمون، وفوقه تبجيل مبالغ فيه وادعاء المظلومية من المجتمع.