تحتفظ المملكة المتحدة بأسطول من أربع غواصات صواريخ باليستية قادرة على تدمير أكبر دول العالم. وقد أنشئ هذا الأسطول بعد أن ألغت حليفتها الولايات المتحدة نظاما أساسيا للأسلحة كان حجر الزاوية في ترسانة لندن النووية. وبعد 50 عاما، أصبحت غواصة الصواريخ البريطانية هي الحارس الوحيد للأسلحة النووية في البلاد،
مما يوفر رادعا ثابتا ضد الهجمات النووية.
في أوائل الستينيات اعتمدت القوة النووية في المملكة المتحدة على ما يسمى بالقاذفات الاستراتيجية «V-فورس». وكان من المقرر أن يتم تجهيز القاذفات بالصواريخ الباليستية التي يطلقها «سكايبولت» التي يمكنها اختراق الدفاعات السوفيتية بسرعة تصل إلى 9500 ميل/ ساعة. ولكن حدثت مشاكل تقنية في برنامج «سكايبولت» الأميركي ألغت بموجبها الحكومة الأميركية البرنامج في عام 1962.
هدد إلغاء «سكايبولت» بالتراجع الكامل عن الردع النووي في المملكة المتحدة، وتسارعت البلدان للتوصل إلى حل. ووافقت الولايات المتحدة على تقديم صواريخ باليستية جديدة أطلقت عليها اسم «بولاريس» لتحل محل «سكايبولت». وبما أنه لم يكن لدى المملكة المتحدة غواصات صاروخية لنقل «بولاريس»، فكان عليها أن تقوم ببنائها.
خلصت دراسة أجرتها وزارة الدفاع البريطانية إلى أن المملكة المتحدة، مثل فرنسا، ستحتاج على الأقل لخمس غواصات للصواريخ الباليستية للحفاظ على موقف رادع ذي مصداقية. وسيتم تخفيض هذا العدد في وقت لاحق
إلى أربع غواصات. وكمثل الغواصات الفرنسية «لو ريدوتابل»، فإن الغواصات سوف تشبه إلى حد كبير الغواصات الصواريخ الباليستية من طراز «لافاييت» للبحرية الأميركية.
في أوائل الثمانينات أصبح من الواضح أن الغواصة طراز «رزوليوشن» ستحتاج في نهاية المطاف إلى استبدال. على الرغم من نهاية الحرب الباردة ونهاية الخطر السوفيتي قررت المملكة المتحدة مرة أخرى بناء غواصاتها الخاصة وتجهيزها بصواريخ أميركية. وكانت النتيجة أربع غواصات: فانغوارد Vanguard (في عام 1993)، فيكتوريوس Victorious(1995)، وفيجيلانت Vigilant (1996) فينجينانس Vengeance (1999). وقد نفذت الغواصة «فانغوارد» أول صاروخ من طراز «ترايدنت» الثاني في عام 1994، وأجرت أول دورية تشغيلية لها في عام 1995.
في عام 2016 أعلنت وزارة الدفاع البريطانية عن الجيل القادم من غواصات الصواريخ الباليستية التي تعمل بالطاقة النووية يطلق عليها اسم «سكسيسور» (Successor). ومن المتوقع أن تدخل الخدمة في عام 2030. وتتوقع الوزارة أن تكلِّف الغواصات الجديدة ما يقدر بنحو 39 مليار دولار.
يوجد هنالك ما لا يقل عن 64 من الأسلحة النووية في المملكة المتحدة في مكان ما عرض البحر، على استعداد للإطلاق في غضون دقائق من التحذير. في حين أن أي مكان قريب من قوة الردع الاستراتيجي الأميركي، فإن الأسلحة النووية هي أكثر من كافية لمنع أي خصم من شن هجوم مفاجئ. وتحمل غواصات الصواريخ الباليستية التابعة للبحرية الملكية مهمة الخدمة منذ قرون في حماية البلاد من البحر.
كاتب الشؤون الدفاعية والأمن القومي مقره سان فرانسيسكو - مجلة (ناشونال إنترست) - الأميركية