أعاد خبر تنظيم دارة الملك عبدالعزيز معرض "تراث المملكة العربية السعودية المخطوط" نهاية الشهر الهجري الجاري، الذي نشر أمس في مختلف وسائل الإعلام المحلية إلى ذهني الشكوى الدائمة من قبل الباحثين وبعض الجهات المهتمة بجانب توثيق التراث المكتوب والشفهي مثل الدارة نفسها، من تحفظ بعض المواطنين الذين يملكون وثائق ومخطوطات تضيء جوانب مهمة في حياتنا الثقافية والاجتماعية، عن الكشف عن هذه المخطوطات وتمكين الباحثين من الاستفادة منها في توثيق الأبحاث والدراسات العلمية المتخصصة، بل إن بعض هؤلاء يتعمد إخفاء الوثائق والمخطوطات بشكل مبالغ فيه، يوحي للباحث أو المؤسسة البحثية أنها تحتوي على ما يسيء أو يمس الشخص نفسه. وعند تقصي الحقيقة يتكشف أن محتوى هذه المخطوطة لا يتعدى الإشارة إلى مرحلة فكرية أو اجتماعية معينة لها علاقة مباشرة بالمنطقة أو الإقليم الذي ينتمي إليه مالكها.
وفي معظم هذه الوثائق والمخطوطات ما يؤكد الريادة والتميز، الذي يحتاج إلى دارس متخصص يخرجه بشكل علمي. ولكن يبدو أن مشكلة اهتزاز الثقة بين مالكي المخطوطات ومعظم الباحثين أو المؤسسات المهتمة بهذا الجانب، مازالت قائمة.
وفي الحقيقة أن هناك من الأكاديميين والباحثين في مجال التراث والتاريخ من أوجد تلك الفجوة بسبب تساهلهم في نسبة الوثائق والمخطوطات إلى أصحابها أو الإشارة إليهم، بل إن هناك من يتهم بعض هؤلاء الأكاديميين بالتعدي على بعض المخطوطات والوثائق، والتصرف فيها وكأنه ملك شخصي، لكن أعتقد أنه بعد صدور نظام خاص بالملكية الفكرية، فإن أقرب الطرق لحل أي إشكال هو إقامة دعوى ضد أي معتد عليها.
أما بالنسبة للمؤسسات الحكومية المهتمة بهذا المجال وفي مقدمتها الدارة فإنها تقدم ضمانات كبيرة تحفظ بها حق أي مالك لهذه المخطوطات، بل وقامت وتقوم بحملات ترميم بأدق أجهزة الترميم للراغبين في ترميم مخطوطاتهم وإعادتها لهم. ولكن وعلى الرغم من ذلك نسمع ونقرأ عن شكوى، من خوف تحول إلى "فوبيا" لدى بعض المواطنين من الكشف عن ما يملكونه من وثائق ومخطوطات بعضها يعد في خانة النادر جدا.
إذن نحن أمام أزمة ثقة بين عدة أطراف، تحتاج إلى معالجة علمية وشفافية في النقاش حولها.