قلت أمس، إن علاج العنصرية هو النظام والقانون المطبق على الجميع، والذي يَعُدّ أيّ فعل أو قول عنصري جريمةً يعاقب عليها القانون، ومثل هذا النظام المنتظر، سيحقق هدفين: أولهما، حماية الناس من بعضهم بعضا، لتحقيق الأمن الاجتماعي، وبالتالي حماية الوحدة الوطنية التي يجب أن نعض عليها بالنواجذ جميعا.
والهدف الثاني، إيقاظ عقول المغرر بهم، المخدوعين ممن سلّموا عقولهم لمشايخهم الضالين، الذين غسلوا أدمغتهم بأكاذيب وفتاوى ضالة، وهيمنوا عليهم، وجعلوا هؤلاء التابعين يحيطونهم بالقداسة والتبجيل!
هذا النظام الرادع كان المفروض أن يصدره مجلس الشورى منذ 5 سنوات، عندما قدّم الدكتور سعد مارق -عضو المجلس آنذاك- نظام «حماية الوحدة الوطنية» الذي أجهضته لجنة الشؤون الإسلامية دون مبرر منطقي!، استشهدت في مقالي المنشور يوم 16/ 8/ 2017 بتغريدات للدكتورة لطيفة الشعلان عضو مجلس الشورى، والتي عبّرت عن تخوفها من لجنة الشؤون الإسلامية -وهي محقة في تخوفها- إذ قالت الشعلان: «على مجلس الشورى أن يسرع في تقديم نظام تجريم الكراهية والطائفية المقدم من عدد من الأعضاء، والمحال للدراسة في لجنة الشؤون الإسلامية بالمجلس، وأن على مجلس الشورى أن يشرك لجانا أخرى مع الإسلامية في دراسة النظام، كلجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية، إذ لا ينبغي أن تنفرد لجنة الشؤون الإسلامية بالقرار!».
وهي هنا تتحدث عن نظام جديد غير «نظام الوحدة الوطنية» القديم الذي أشرت اليه، وسواء تم دمج النظامين، أو اُعتُمد الأخير، فإن على المجلس أن يستشعر الخطر على وحدتنا الوطنية، وأمننا الاجتماعي، فمن غير المعقول ولا المقبول أن تبقى لجنة الشؤون الإسلامية عقبة كأْداء في وجه أي نظام يخدم الوطن، مثل نظام التحرش الذي تم رفضه من اللجنة ذاتها، ولذا يجب ألا تبقى منتهى القرار، يجب أن تشترك معها لجان أخرى، ومتخصصون آخرون، ومستشارون من خارج المجلس، وليت مثل هذه الأنظمة البدهية التي تستغرق أخذا وردّا ونقاشا طويلا، ووقتا أطول، داخل المجلس، ليتها تحال مباشرة إلى هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، فهي أنظمة بدهية موجودة في كل دول العالم، ولا تحتاج أكثر من الصياغة القانونية، ثم الاعتماد وإحالتها إلى التطبيق!.
لقد صرح النائب العام منذ أسابيع قليلة، بأن: «النيابة العامة السعودية ستلاحق كل من يثير نعرات الكراهية والطائفية والتصنيفات الفكرية والمذهبية، ومحاولات تضليل الرأي العام، تأسيسا على ما للنيابة العامة من ولاية عامة تخولها تحريك الدعاوى الجزائية في جميع الجرائم، وأكد النائب العام السعودي الشيخ سعود المعجب، في تصريح له، أن أية مشاركة تحمل مضامين ضارة بالمجتمع، أيّا كانت مادتها وذرائعها ووسائل نشرها، فإنها ستكون محل مباشرة النيابة العامة، وفق نطاقها الولائي، وبحسب المقتضى الشرعي والنظامي، ومن ذلك منشورات الوسائط الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي والمحاضرات والخطب والكتب ونحوها، وأضاف: النيابة العامة، إذ تؤكد ذلك، فإنها في الوقت ذاته على وعي تام باحترام حرية الرأي، وحماية حصانتها المشروعة التي أثْرى عطاؤها ونقدها الهادف وطنيا، وعلميا، وتوعويا، وفكريا». ولا شك أن هذا التصريح للنائب العام يدل على وعي متقدم، وإدراك عميق بمخاطر العنصرية على الوطن والإنسان، وهو وعي لم يبلغه -كما يبدو- مجلس الشورى الذي أخشى أن يجد، أو تجد لجنته الإسلامية في هذا التصريح للنائب العام ذريعة لرفض النظام المعروض أمام اللجنة، مؤملا أن يعي المجلس واللجنة أن تصريح النائب مجمل وعام، ولم ينص على عقوبات محددة، وأنه لا بد من نظام لمكافحة العنصرية مفصّل واضح بتعريفات العنصرية ونصوصها وأفعالها وعقوباتها، مثل نظام جرائم المعلوماتية المطبق الآن، ووطننا -لا شك- جدير أن يحظى بأنظمة واضحة صريحة، تحفظ وحدته وأمنه الاجتماعيَّيْن، وتجعل كل من يزوره أو يفكر في زيارته مطمئنا بأن لدينا قوانين تحميه سائحا ومستثمرا، أو لأي سبب!، وأهمها الآن نظام مكافحة العنصرية!.