سادت حالة من التذمر والاستياء الشديدين بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قيام شركة متعاقدة مع إحدى شركات الاتصالات بفصل جماعي لموظفيها السعوديين. مغردو «تويتر» قاموا بإنشاء وسم تويتري عنوانه: #فصل_جماعي_لموظفي_مراكز_الاتصال، صعد فيه الهاشتاق إلى قائمة الأعلى تفاعلا «ترند» في السعودية، ووجهوا خلاله سيلا من الانتقادات الحادة، مبدين انزعاجهم من القرار، ومطالبين بالتحرك السريع ومحاسبة

متخذي مثل هذه القرارات، وضمان عدم حدوثها.

وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تفاعلت مع الوسم، وأعلنت عبر متحدثها الرسمي أن الوزارة أوقفت جميع الخدمات عن المنشأة، وفتحت تحقيقا عاجلا في القضية.

مثل هذه الهاشتاقات في الواقع ليست جديدة، فقد تكررت بكثرة، خاصة في الفترة من بداية محرم 1437، وهو الشهر الذي تم فيه إقرار نظام العمل الجديد من قبيل #إلغاء _المادة_ 77، أو #إعادة_ النظر_في المادة_77، أو #نظام_وزارة_العمل_الجديد، أو #الفصل التعسفي! وكذلك التحقيقات والتحذيرات ليست جديدة.

فقد أصدرت الوزارة قرارا يتضمن استخدام كلمة «يحظر» على المنشآت فصل الموظفين بشكل جماعي دون سبب مشروع، وتوالت التصريحات التي كان آخرها من المتحدث الرسمي، ومفادها أن الوزارة لا تسمح لأي منشأة باستخدام أي مادة من مواد نظام العمل ذريعة لفصل الموظف السعودي، دون سبب مشروع.

وأعتقد أن سلسة هذه التصريحات والتحذيرات، وفتح التحقيقات العاجلة من وزارة العمل سيستمران، ما دام تشخيص المرض محصورا في الأعراض وليس في الجذور الأصلية، وبالتالي لا جدوى من كل ذلك، كون المتضررين من الفصل عند لجوئهم إلى التظلم سيتم التعامل معهم وفق مواد نظام العمل الذي يعتمد عليه في التنظيم والتقاضي، ومن الجانب القانوني يعتمد على المرسوم الملكي فقط، وليس على تصريح المتحدث الرسمي للوزارة.

الحل ببساطة إعادة النظر في المادة 77، وهنا أكرر السؤال ذاته الذي ذكرته في مقال سابق، وهو موجّه إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية: كم عدد الموظفين والموظفات السعوديين الذين أُسقطوا من نظام التأمينات من بداية محرم 1437 وحتى يومنا هذا؟

فنحن نتحدث عن عامين كاملين على دخول نظام العمل الجديد حيز التنفيذ، وهي فترة كفيلة وجديرة بإظهار عيوب بعض مواده القانونية، خاصة المادة 77 من نظام العمل، والتي أصبحت هاجسا يلازم كل موظفي القطاع الخاص، وبات الصغير قبل الكبير يعلم محتوى هذه المادة.

يجب على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، أن تدرك أن نظام العمل ولائحته التنفيذية يُعدان من أهم الأنظمة التي تلامس عن قرب حياة المجتمع، وأكاد أُجزم بأن الغالبية تحمل نسخا من هذا النظام على جوالاتها.

مجلس الشورى معني هو الآخر بهذه القضية، ولا ننسى هنا أن نشيد بعضو المجلس الأستاذ عساف أبو ثنين، رئيس لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية، وعضوة المجلس الدكتورة لطيفة الشعلان، على الاهتمام بهذا الملف، فقد قاما بتقديم توصية على التقرير السنوي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية تتعلق بتعديل المادة 77 من نظام العمل نصها:

«على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية المسارعة في اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، لمعالجة ما ترتب على تطبيق المادة 77 من نظام العمل من أضرار فادحة، لحقت بأعداد من المواطنين العاملين في القطاع الخاص».

السؤال الذي يتردد في بالي دائما: نحن نتحدث الآن عن خصخصة وعن تنمية اقتصادية، كيف يحصل ذلك مع تعطيل القطاع الخاص لبرامج السعودة، خاصة أن التحول الوطني ورؤية 2030 قائمان على توفير فرص عمل للسعوديين.